الغاية تبررالوسيلة … فنانون في سباق البرلمان العراقي.. بين حق الترشح وخطر “الانحدار” السياسي
تقارير
مع اقتراب موعد الانتخابات النيابية العراقية في 11 تشرين الثاني/نوفمبر المقبل، تجدد الجدل بشأن أهلية بعض الفنانين والشعراء ومؤثري مواقع التواصل الاجتماعي للترشح إلى البرلمان.
وبدأت ظاهرة ترشيح الفنانين تظهر بشكل واضح في الدورات النيابية الأخيرة، لكنها في انتخابات 2025 لفتت الأنظار أكثر مع دخول أسماء فنية معروفة إلى الحلبة السياسية.
وتتباين الآراء بين مؤيدين يرون في ذلك توسيعاً لتمثيل الشرائح المجتمعية المختلفة، ومعارضين يعتبرونها تهديداً لمكانة البرلمان كأعلى سلطة تشريعية في البلاد.
وبينما لا يمنع الدستور العراقي ولا قانون الانتخابات ترشح الفنانين أو أي مواطن مؤهل قانونياً، فإن الانقسام بشأن مدى قدرتهم على تمثيل الشعب سياسياً يزداد، خاصة في ظل وجود مرشحين من خلفيات غير تقليدية كـ”الفاشينيستا” و”البلوغرز”، وهو ما وصفه البعض بأنه “انحدار” في المعايير السياسية.
ترشيح الفنانين
وفي هذا السياق يقول الفنان والممثل المعروف يوسف صلاح الدين، الشهير بشخصية “حبنتي”، الذي أعلن ترشحه للانتخابات المقبلة، إن “هذا القرار جاء بدافع وطني واجتماعي، وهناك تفاعل شعبي إيجابي مع هذا الترشح“.
ويوضح صلاح الدين لوكالة شفق نيوز، أن “البعض لا يراني إلا بشخصية (الحبنتي) الكوميدية، لكنني في الواقع أشغل منصب مسؤول النشاط المدرسي في تربية البصرة، ولدي طاقة إيجابية يمكن تسخيرها لخدمة الناس“.
ويبيّن “حبنتي”، في حديثه أن “الفنان صاحب رسالة، وكل عمل فني هو معالجة لحالة مجتمعية بطريقة كوميدية، لكن هذه المرة ستكون المعالجة فنية سياسية“.
وينوّه الفنان إلى أن “ترشحي جاء لأن شريحة الفنانين في العراق لم تأخذ حقوقها، حيث يعانون من الإهمال وغياب الدعم، ولا يوجد من يمثلهم تحت قبة البرلمان، لذلك دخولهم المعترك السياسي قد يغير هذا الواقع“.
لا موانع دستورية
وعن الرأي القانوني لدخول الفنانين هذا “المعترك السياسي” وفق تعبير “حبنتي”، يوضح عضو الفريق الإعلامي لمفوضية الانتخابات حسن هادي زاير، أن “الدستور العراقي وقانون الانتخابات لم يحددا طبيعة مهنة أو عمل المرشح، الشرط الأساسي أن “يكون عراقي الجنسية ومن أبوين عراقيين“.
وبالتالي بحسب ما يقول زاير لوكالة شفق نيوز، “يحق لأي فنان أو شاعر أو حتى مؤثر على مواقع التواصل الاجتماعي الترشح ما دام مستوفياً الشروط القانونية“.
خطر التوسع بلا معايير واضحة
لكن في المقابل، يعبّر عدد من المحللين السياسيين عن قلقهم من هذا الاتجاه الجديد، خصوصاً مع دخول شخصيات من عالم “السوشيال ميديا” إلى السباق الانتخابي.
ويقول المحلل السياسي مهند الراوي، إن “من بين الفنانين من يحمل صفة أكاديمية وشخصية محترمة، لكن المشكلة الأكبر تكمن في ترشح (الفاشنستات) و(البلوغرز) الذين ليس لديهم أي خلفية سياسية أو ثقافية، ودخول هؤلاء إلى البرلمان سيكون بمثابة تدمير لأعلى سلطة في البلاد“.
ويؤكد الراوي لوكالة شفق نيوز، أن “الأداء السياسي يحتاج إلى نخب أكاديمية قادرة على التشريع وصياغة القوانين، ولا يمكن تصور ما هي القوانين التي ستقترحها (فاشنيستا) أو (بلوغر)، لذلك من المؤسف أن بعض الكتل السياسية تنزل لهذا المستوى في سبيل جذب أصوات الشباب“.
لذلك يدعو الراوي إلى ضرورة “تصحيح المسار السياسي ومنع هذا النوع من الترشيحات حفاظاً على هيبة البرلمان“.
من جانبه، لا يرى المحلل السياسي عبد الله الكناني مانعاً قانونياً أو مبدئياً من ترشح الفنانين، لكنه يتساءل: “هل يستطيع الفنان فعلاً تمثيل الشعب في قبة البرلمان؟“.
ويعتبر الكناني خلال حديثه لوكالة شفق نيوز، أن “هذه الأساليب تستخدمها بعض الكتل السياسية لجذب أصوات جديدة، لكنها تفتقر إلى العمق السياسي“.
ويستشهد الكناني بحالة خارج البلاد بالقول إن “في أوكرانيا، على سبيل المثال، أصبح ممثل كوميدي رئيساً للبلاد، لكن فولوديمير زيلينسكي كان يمتلك رؤية سياسية واضحة وبرنامجاً وطنياً، أما في العراق، فالفنان يفتقر للوعي السياسي العميق، كما نفتقد نحن كبلد لثقافة سياسية عند المرشح والناخب على حد سواء”.
