Skip links

القمة العربية… حضور متكرر وقرارات محدودة الأثر

مقالات

كتب المحرر السياسي للتجمع

انعقدت القمة العربية من جديد، في وقت تتطلع فيه الشعوب العربية المرهقة إلى مواقف حاسمة تعكس حجم المأساة التي يعيشها الشعب الفلسطيني، وهو يواجه إبادة ممنهجة واستهدافًا متواصلًا للأرض والإنسان منذ عقود.

لكن المتابع لمسار القمم السابقة يدرك أن الإخفاق العربي ليس وليد اللحظة، بل هو نتيجة تراكمات بدأت منذ سنوات طويلة، مع صمت رسمي تجاه محطات مفصلية عاشتها المنطقة، من احتلال العراق إلى المأساة السورية، وصولًا إلى النزاعات الدائرة في السودان وغيرها. هذه التراكمات عززت لدى الشارع العربي شعورًا بالعجز عن حماية الحقوق الأساسية وصون الكرامة الوطنية.

في غزة، كان الفلسطينيون ينتظرون موقفًا عربيًا يرتقي إلى مستوى تضحياتهم، بينما تطلعت الشعوب العربية عمومًا إلى مواقف تحفظ سيادة بلدانها في مواجهة تهديدات متكررة. إلا أن ما صدر عن القمة ظل في إطار الإدانة اللفظية والبيانات المكررة، دون ترجمة عملية يمكن أن تردع العدوان أو تعزز الأمن القومي العربي.

وما يزيد الصورة تعقيدًا أن الاستهداف لم يقتصر على فلسطين وحدها، بل امتد إلى سوريا ولبنان واليمن، فضلًا عن تهديدات علنية تمس أكثر من بلد عربي. هذه الوقائع كان يُفترض أن تكون دافعًا لتحرك عربي مشترك، لكن المواقف بقيت أسيرة الحسابات الضيقة، ما جعل السيادة العربية تبدو وكأنها مجرد شعار.

لقد جاءت خطابات القادة في القمة محملة بالشعارات والعبارات التضامنية، لكنها لم تترافق مع خطوات عملية أو مبادرات واضحة توازي حجم التحديات. وفي المقابل، استمر الاحتلال في التصعيد الميداني، ما أضعف الثقة بجدوى القمم وفعاليتها لدى الرأي العام العربي.

إن الواقع يفرض اليوم الانتقال من دائرة الشجب والإدانة إلى خطوات جماعية ملموسة، قادرة على حماية الأراضي العربية، وتعزيز وحدة الصف، وتقديم دعم فعلي للشعب الفلسطيني الذي يدافع عن أرضه وحقوقه بصلابة نادرة.

إن القمم العربية، بما تمثله من رمزية سياسية وتاريخية، مدعوة إلى أن تتحول من مجرد منصة للبيانات إلى إطار عمل حقيقي يثبت أن التضامن العربي ليس خيارًا بل ضرورة وجودية. فالقضية الفلسطينية ليست مجرد قضية قطرية أو إقليمية، بل هي عنوان الكرامة العربية والإسلامية، وامتحان حقيقي لقدرة الأمة على حماية حاضرها وصون مستقبلها.

اترك تعليقًا

عرض
Drag