Skip links

شرارة البوعزيزي في تونس وشرارة بان في العراق

مقالات

د هيثم هادي نعمان

في علم الرأي العام، يتشكل ما يُعرف بـ”الرأي العام الكامن” عندما يشعر الناس بالغضب إزاء فساد النخب الحاكمة أو انحرافها عن خدمة المجتمع، لكنهم لا يعبرون عن ذلك علنًا. يظل هذا الرأي العام ساكنًا لسنوات أحيانًا، حتى تقع حادثة تُشعل “الشرارة” التي تحول الغضب الكامن إلى رأي عام ظاهر، ومنه إلى حراك جماهيري قد يصل إلى لحظة يصعب على السلطات احتواؤها أو إيقافها.

هذا ما حدث في تونس عام 2010 عندما اعتدى شرطي على محمد البوعزيزي، البائع الفقير، فدفعه ذلك إلى إحراق نفسه. تحولت تلك اللحظة الفردية إلى شرارة فجرت الغضب الشعبي الكامن ضد نظام زين العابدين بن علي، فانكشف الرأي العام الرافض، واندلعت ثورة أنهت حكمه.

والأمر نفسه تكرر في إيران عام 1979، عندما تجاهل الشاه تحذيرات جهاز “السافاك” من أن الرأي العام الكامن قد انفجر. صعد بطائرته ليشاهد من السماء جموع الملايين التي خرجت ضده، وصاح بدهشة: “عجيب، كل هؤلاء ضدي!”، قبل أن يقرر الهروب.

بصفتي متخصصًا في دراسات الرأي العام، أوجه إنذارًا صريحًا للحكومة العراقية: إن جريمة قتل الدكتورة بان بدأت بالفعل تتحول إلى قضية رأي عام غاضب. أي تباطؤ في المحاسبة سيجعل منها شرارة مشابهة لشرارة البوعزيزي. لذلك، فإن محاسبة الجناة، مهما كانت مناصبهم، ضرورة عاجلة قبل أن يتطور الغضب الشعبي تدريجيًا إلى ثورة قد تُعرف يومًا ما بـ”ثورة بان”.

اترك تعليقًا

عرض
Drag