إيران ترفض نزع سلاح حزب الله ولبنان يقتربمن شفير المواجهة
مقالات
د نبيل العتوم
في خضم ضغوط لبنانية ودولية متزايدة لنزع سلاح «حزب الله» وإنعاش سلطة الدولة، حلّ مستشار المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، علي لاريجاني، ضيفًا على بيروت في زيارة تحمل رمزية سياسية واضحة، حيث بدا مبلّغًا رسالة مزدوجة: الأولى تهدف إلى لجم التصعيد الدبلوماسي في أعقاب موافقة الحكومة اللبنانية على خطة تجريد السلاح، والثانية تأكيد أن موقف طهران لا يتراجع عن دعم «المقاومة» وأجندتها، بما في ذلك مسألة السلاح. وفي تصريح من طهران، أوضح لاريجاني أن إيران لا تنوي التدخل المباشر في القرار اللبناني، لكنه في الوقت ذاته لم يُبدِ قبولًا بمسعى النزع، وهو ما يعكس تمسكًا مبدئيًا بموقف رافض لأي خطوة تمس بنية الحزب العسكرية.طبعا دفاعا عن ايران واستعدادا للمهمة القادمة للدخول على خط النار بانتظار المواجهة العسكرية القادمة بين إسرائيل وإيران.
ويعزز هذا الموقف تصريح علي أكبر ولايتي، مستشار المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي للشؤون الدولية، الذي شدد على أن الجمهورية الإسلامية «معارضة قطعًا» لتجريد حزب الله من سلاحه، معتبرًا محاولات النزع مؤامرات مدعومة خارجيًا ستفشل كما فشلت سابقًا، ومؤكدًا أن دعم طهران للمقاومة اللبنانية سيستمر دون انقطاع. هذا الموقف الإيراني يأتي في وقت يزداد فيه المشهد في لبنان تعقيدًا، إذ أعلنت الدولة عن خطة نزع السلاح بحلول نهاية 2025، في استجابة لضغوط خارجية ومطالب داخلية تتعلق باستعادة هيبة الدولة وسيادتها، بينما رفض حزب الله هذه الخطة واعتبرها «خطيئة كبرى»، متوعدًا بالتعامل معها وكأنها لم تُتخذ.
هذا الرفض ليس مجرد رد فعل سياسي، بل تعبير عن قناعة راسخة لدى الحزب بأن السلاح يمثل جوهر هويته وضمانة وجوده في المعادلة اللبنانية والإقليمية، وهو ما يفسر إصراره على أن أي نقاش حول نزع السلاح يجب أن يسبقه انسحاب إسرائيلي كامل من الجنوب، وإنهاء جميع أشكال التهديد لقواته. وفي المقابل، ترى طهران أن هذه المطالب مشروعة من منظور استراتيجي، وتعتبر أن الضغوط الدولية لن تنجح في تفريغ الحزب من دوره، خاصة أن السلاح بالنسبة لها ليس أداة فقط، بل هوية لا يمكن المساس بها.
في ظل هذا الواقع، تتصاعد التساؤلات حول السيناريوهات المتوقعة لمستقبل هذا الملف، حيث تتنوع الاحتمالات وتتشابك تداعياتها.
الأول والأخطر هو احتمال وقوع صدام مباشر بين حزب الله والجيش اللبناني، وهو احتمال يحمل في طياته مخاطر أمنية جسيمة تضع لبنان على شفير الانهيار. هذا الصدام، وإن كان غير مرغوب فيه من جميع الأطراف الرسمية، قد ينجم عن محاولات فرض تنفيذ قرار نزع السلاح بالقوة، مما يفتح الباب لتصعيد داخلي واسع وتفكك أكثر مؤسسات الدولة.
على جانب آخر، يبرز سيناريو تدخل إسرائيلي مباشر تحت ذريعة مواجهة حزب الله ونزع سلاحه بالقوة، ما قد يؤدي إلى مواجهة عسكرية إقليمية غير محسوبة العواقب. هذه المواجهة قد تكون شاملة ومفتوحة، مع تأثيرات كارثية على لبنان والمنطقة، إذ أن استمرار التوترات واحتدام الصراعات قد يجر إلى حرب لا تتحمل أعباءها الشعب اللبناني تحديدا الذي عانى الأمرين.
في المقابل، هناك سيناريو ثالث يعكس استمرار الوضع الراهن، حيث يظل سلاح حزب الله موجودًا، ولكن مع مزيد من التوازنات الهشة والمراوحة السياسية التي تؤدي إلى تجميد أي تقدم جدي في مسألة نزع السلاح. هذا الخيار يحمل معه استنزافًا مستمرًا للدولة اللبنانية ومؤسساتها، ويعمّق الانقسام الداخلي ويؤجج حالة من اللااستقرار الدائم.
تلك السيناريوهات تعكس تعقيد الموقف اللبناني والإقليمي، حيث يتداخل الأمن والسياسة مع الأجندات الخارجية، ويصبح الحل مرتبطًا بقدرة الأطراف اللبنانية والدولية على إيجاد تسويات تحفظ استقرار لبنان وتمنع انفجار الصراعات. في الوقت نفسه، يبقى موقف إيران الحازم ودعمها لحزب الله عقبة رئيسية أمام أي تغيير جذري، ما يجعل هذه القضية من أكثر الملفات حساسية في الشرق الأوسط، مع تبعات تتجاوز حدود لبنان لتؤثر على توازنات المنطقة بأسرها.
