Skip links

التجمع المدني الوطني العراقي يصدر بيانًا بشأن التحديات التي تواجه الديمقراطية في البلاد

اخبار

اصدر التجمع المدني الوطني العراقي بيانًا سلّط فيه الضوء على أبرز مظاهر الإخفاق التي باتت تُهدد جوهر العملية الديمقراطية في العراق، وفي مقدمتها استمرار نظام المحاصصة، والتضييق المتصاعد على الحريات العامة، فضلًا عن محاولات تمرير قوانين تُقيّد حق التعبير وتُقلّص من مساحة العمل المدني والإعلامي.

وأكد البيان أن ما يشهده العراق اليوم يستوجب موقفًا وطنيًا حاسمًا من جميع القوى المؤمنة بالإصلاح الحقيقي، داعيًا إلى ضرورة الوقوف بوجه التراجعات المتكررة، والعمل الجاد على تصحيح المسار السياسي والمؤسسي بما يضمن بناء دولة عادلة تحترم الحقوق وتصون الحريات.

وأشار التجمع إلى أنه، وبعد أكثر من عقدين على التحول السياسي، ما تزال العوائق البنيوية والسياسية تُعطّل قيام نظام ديمقراطي راسخ يُلبي تطلعات المواطنين في الحرية والعدالة والعيش الكريم. وتأتي المؤسسة التشريعية في مقدمة هذه التحديات، باعتبارها الجهة التي يُفترض أن تمثل صوت الشعب وتحمي مصالحه، إلا أن أداءها الحالي يشهد تعثرًا واضحًا وتراجعًا خطيرًا عن دورها الأساسي في التشريع والرقابة.

أكّد البيان أن ما يجري يستدعي وقفة جادة من كل الفاعلين في الشأن العام، حمايةً لمستقبل الديمقراطية في العراق، وصونًا لتضحيات الشعب وتطلعاته، وفيما يلي نص البيان الكامل:

بيـــــان

العراق والديمقراطية المفقودة: برلمان عاجز وعملية سياسية تخشى التغيير  ومشروع قانون حرية التعبير

في ظل الأزمات المتراكمة التي يمر بها العراق، يبرز أداء مجلس النواب كأحد أبرز مظاهر الفشل السياسي في البلاد. فالمؤسسة التشريعية، التي يُفترض أن تكون ممثلًا حقيقيًا لإرادة الشعب وصوته، وضامنًا لمصالحه، باتت اليوم عاجزة عن الامتثال لمتطلبات النظام السياسي الحر، الذي يُفترض أن يقوم على الشفافية والمساءلة. لقد أثبت البرلمان، مرارًا، افتقاده القدرة على تحقيق مصالح المواطنين، وعجزه عن التعامل مع القضايا الجوهرية التي تمس حياة العراقيين بشكل مباشر.

على مدى سنوات، مرّ العراق بتحديات جسيمة ومحن متواصلة: من الحروب والصراعات الطائفية، إلى احتجاجات جماهيرية مطالِبة بالإصلاح والعدالة، وانهيار في الخدمات الأساسية، وصولًا إلى أزمات اقتصادية خانقة، وبطالة متفشية، وفساد مستشرٍ. ورغم كل ذلك، بقي البرلمان عاجزًا عن تقديم حلول حقيقية وجذرية، وانشغل بصراعات سياسية ضيقة وتحالفات قائمة على المصالح الحزبية والطائفية، لا على المصلحة الوطنية، غير آبه بمطالب الناس ولا بمعاناتهم اليومية.

هذا العجز المتراكم لا يعكس فقط ضعف الأداء، بل يُثبت أن هذه المؤسسة، بصيغتها الحالية، غير مؤهلة لصنع تجربة ديمقراطية كاملة الأبعاد. فالفشل التشريعي والسياسي لا يهدد الحاضر فقط، بل يجهض إمكانية بناء نظام ديمقراطي ناضج يعكس تطلعات العراقيين.

إن الديمقراطية الحقيقية لا تقوم فقط على صناديق الاقتراع، بل هي منظومة متكاملة تضمن الحريات العامة، وتحمي الحقوق، وتتيح للمواطنين التعبير عن آرائهم بحرية، دون خوف من الملاحقة أو الاغتيال، وتمنحهم الحق في النقد والمساءلة. وهي تقف بوجه المحاصصة الجهوية المقيتة، أياً كان غطاؤها، وترفض بشكل قاطع كل أشكال الاجتثاث العشوائي المسيس الذي يُستخدم كسلاح للإقصاء وتصفية الخصوم، لا كأداة لتحقيق العدالة.

لكن الواقع في العراق يُظهر توجهًا خطيرًا نحو قمع هذه المبادئ؛ فمتابعة الناشطين، وترويعهم، واغتيال الإعلاميين، والتضييق على الأصوات المستقلة، كلها مؤشرات تنذر بما هو أسوأ. إن ما يجري اليوم يُعد علامة مقلقة على ما قد تؤول إليه الأمور، خاصة في ظل محاولات تمرير قوانين تقيد حرية التعبير، أو منح سلطات غير خاضعة للمساءلة صلاحيات تهدد ما تبقى من فضاء ديمقراطي.

هذه الإجراءات لا تعبر عن قوة الدولة، بل تكشف عن خوف عميق من أي شكل من أشكال الديمقراطية الحقيقية، تلك التي تقوم على الشفافية، والمحاسبة، وتداول الرأي، بكل ما تحمله من إمكانات التغيير.

من يخاف الكلمة الحرة، ويخشَ الديمقراطية، ويرتعب من صوت المواطن، لا يمكن أن يقود مشروعًا ديمقراطيًا ناضجًا، ولا أن يبني مستقبلًا حرًا، أو وطنًا يليق بتضحيات العراقيين. فالديمقراطية لا تُخشى، بل تُحتضن وتُصان، لأنها السبيل الوحيد لبناء وطن عادل، يكرّم شعبًا قدّم الكثير، ولا يزال ينتظر عدالة حقيقية لم تأتِ بعد.

التجمع المدني الوطني العراقي

5 آب 2025

اترك تعليقًا

عرض
Drag