Skip links

الموصل تدخل “متحف نيويورك”.. ذاكرة بيت عراقي نجا صاحبه وماتت عائلته

تقارير

يُنظم متحف في نيويورك احتفالية فنية فريدة من نوعها تجمع بين الجوانب الصحفية والتاريخ والفن والعمارة، وذلك لاستذكار منازل مدمرة في العراق وسوريا وغزة، لما تمثله من حياة وذكريات، وخصوصاً للمدنيين والعائلات التي كانت تعيش فيها، بحسب ما ذكره موقع “هايبر آليرجيك” الأمريكي.

وذكر الموقع المتخصص بأخبار الفن المعاصر والثقافة في تقرير ترجمته وكالة شفق نيوز، أن معرض “أنماط الحياة” يقام في متحف “كوبر هيويت سميثسونيان للتصميم” في مانهاتن في نيويورك حتى 10 آب/ أغسطس الجاري، وهو بمثابة “تحية مهمة للمنازل التي دمرت في العراق وسوريا وفلسطين، بأسلحة مصنعة في الولايات المتحدة“.

وأشار التقرير إلى أن “زوار المعرض مدعوون لمشاهدة المنازل السابقة لثلاث عائلات، واحدة في غزة، والثانية في الموصل، والثالثة في منبج في سوريا، تعرضت للتدمير خلال عمليات عسكرية على مدار العقد الماضي”، موضحاً أن “من بين البيوت الثلاثة المعروضة، هناك منزل عائلة باسم رازو في الموصل، والذي دمر بشكل كامل خلال غارة جوية في أيلول/ سبتمبر 2015، بعد أن صنفته قوات التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة، بشكل خاطئ على أنه مصنع للسيارات المفخخة لتنظيم داعش“.

ولفت إلى أن “رازو خسر زوجته وابنته وابن شقيقه وشقيقه في الغارات التي استهدفت منزليهما المتجاورين في المدينة”، فيما نقل التقرير عن رازو قوله: “منزلي كان مملكتي”، مشيراً بذلك إلى منزله الذي كان يتمتع بمدخل رخامي ونوافذ كبيرة.

ونوه إلى أن “الصحفية منى الجلبي تعاونت مع باحثين بصريين في مركز SITU للأبحاث، وأجرت مقابلات مع الناجين من الغارات الجوية، واستعانت بالصور ومقاطع الفيديو التي قدموها لمنازلهم، وصور الأقمار الصناعية الأرشيفية، من أجل إنشاء نماذج معمارية للمنازل التي تعرضت للتدمير، وهذه التصاميم أضيف إليها نماذج مصغرة لأشياء منزلية تحاكي ذكريات مادية من المنازل المدمرة، بما في ذلك لوحات عائلية على الجدران، وحرف يدوية متوارثة بين الأجيال، وستائر كانت زوجته تذكر الزوج بتنظيفها باستمرار“.

ونقل التقرير عن الباحثة البصرية في مركز “SITU” غوري باهوغونا، التي عملت على المشروع، قولها إن “وسائل الإعلام الغربية تصور هذه الأماكن من خلال عدسة الدمار والركام والمأساة، إلا أن هذه المنازل كانت حافلة بحياة طبيعية، وهذا هو الجوهر الإنساني الذي يتم محوه“.

وتابع التقرير أن “رازو، الذي حولته تجربته المأساوية إلى مدافع عن حقوق الناجين والضحايا من الغارات الجوية، متحمس ويعتبر أن المعرض سيكون شيئاً يمكن للأمريكيين رؤيته، وكيف كان المنزل، وما خلفته الغارات الجوية، وخسائر الأرواح والممتلكات“.

واعتبر أنه “بالنسبة لمنى الجلبي، الصحفية البريطانية من أصل عراقي، فإن إدراج منزل رازو في المعرض، كان بمثابة محاولة لكي لا يتم نسيان حرب الولايات المتحدة على العراق”، مبيناً أن “رازو عندما شاهد المعرض، أعجب بالاهتمام الدقيق بالتفاصيل التي نجحت منى الجلبي وفريقها في تحقيقها“.

ولفت إلى أن “العديد من عناصر منزله جرى عرضها بطريقة شبه متطابقة في النموذج، مثل راديو صغير من خمسينيات القرن الماضي في غرفة نومه، على خزانة كانت تزين منزل والديه، وأشاد بالتشابه القائم مع الثريا الخضراء المميزة، والمعلقة في سقف النموذج”، مؤكداً أن “رازو ضحك وهو يتذكر روتين التنظيف الذي كان يقوم به هو وزوجته ميادة“.

وبحسب التقرير، فإن “مصممي المعرض اعتمدوا على دمج المقابلات المطولة ومنهجيات المعلومات مفتوحة المصدر (OSINT)، مثل دراسة صور الأقمار الصناعية، من أجل إعادة تشكيل المظهر الخارجي للنماذج بدقة، سواء فيما يتعلق بالتصميمات الداخلية أو الهيكل العام للمنازل”، لافتاً إلى أن “المقتنيات الموجودة داخل المنازل الأصلية، صورت من خلال رسومات منى الجلبي على قماش حريري شفاف“.

ونقل التقرير عن الجلبي قولها، إن “الذكريات هشة نوعاً ما، وهي تحيا في نفوس الناجين، ويمكنهم ربطها بنا، ولكن هناك شيء مفقود“.

كما نقل التقرير عن محمد عثمان، الذي دمر منزله في منبج في سوريا بغارة جوية نفذها التحالف بقيادة الولايات المتحدة في العام 2016، قوله إنه “ليس بالإمكان محو الذكريات“.

وأشار إلى أن “النموذج المعروض في المتحف كان يتضمن قطعة خشبية صنعها والده وكانت موضوعة في منتصف طاولة غرفة المعيشة والتي شاهدها ملقاة بين أنقاض منزله المدمر، كما اشتمل نموذج المنزل على صور عائلية ملونة ولوحة لآيات من القرآن“.

ووفقاً للتقرير، فإن “مصممي المعرض حاولوا أيضاً إعادة إحياء بعض روائح المنازل”، فيما نقل التقرير عن منى الجلبي قولها إن “رازو تحدث عن زراعته للورود في كل أنحاء منزله لكي يتمكن من شم رائحة الزهور طوال الوقت، كما أن عثمان، من منبج، يتذكر أنه عندما كان يفتح باب منزله، كان يشم عطر الياسمين“.

وتقول الجلبي، بحسب التقرير، إنها “استخدمت زيوتاً معطرة على الحرير لاستحضار هذه الذكريات الشمية في المعرض“.

وأشار التقرير إلى منزل ثالث، لأم وابنها في غزة، إلا أنه لم يتم الكشف عن هويتهما لضمان سلامتهما، وهو يمثل آلاف المنازل الفلسطينية التي دمرتها إسرائيل منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023.

وذكر أن “رسومات منى الجلبي، لمدن الموصل وغزة ومنبج، تزين الجدران المحيطة بالمعرض، إلى جانب رسم لمدينة الموصل يظهر نهر دجلة الذي يمر عبرها، وهناك عبارة تقول: 65% من منازل الموصل تضررت أو دمرت، بما في ذلك منزل باسم رازو“.

ولفت إلى أنه “برغم التزام المعرض بالحقائق وتفاصيل البيوت الاصلية، إلا أنه كان هناك بعض الحرية في العمل، حيث أضافت منى الجلبي إلى نموذج منزل رازو، لوحة صغيرة بخط اليد لاسم ابنته، تقى، تخليداً لذكراها.

ونقل التقرير عن الجلبي قولها إن “المعرض يعتبر شهادة على أهمية المنازل، ولكن أيضاً بمثابة تكريم للذكريات والأشخاص الذين عاشوا فيها”.

اترك تعليقًا

عرض
Drag