تحذير حقوقي وقانوني من استهداف “شرف النساء”
تقارير
حذرت ست ناشطات ومدافعات عن حقوق الإنسان من تصاعد حملات تشويه تستهدف سمعة النساء وشرفهن خصوصاً العاملات في المجال السياسي والمجتمعي مع اقتراب الانتخابات التشريعية المقررة في الحادي عشر من تشرين الثاني/نوفمبر 2025.
وبرزت في الآونة الأخيرة، كما وصفتها الناشطة والإعلامية لينا علي، “ظاهرة دخيلة وحملات قذرة من قبل بعض أفراد المجتمع وحتى من داخل الوسط السياسي، لتشويه صورة المرأة القوية سواء كانت ناشطة أو إعلامية أو مرشحة أو غير ذلك، ويعد هذا إقصاءً جديداً يحد من تمكين المرأة وإبداعها والحد من حريتها في العمل والتعليم“.
وعزت الناشطة، أسباب هذه الظاهرة في حديثها لوكالة شفق نيوز، إلى “عدم وجود قانون رادع وموقف حازم من لجنة المرأة النيابية التي وقفت ضد المرأة وأضعفت حقوقها القانونية بإقرار تعديل قانون الأحوال الشخصية، لذلك بات المجتمع مدمّراً فكرياً، ومحاصراً من جميع الجهات“.
وأكدت أن “استهداف المرأة هو نسفٌ للمجتمع بالكامل”، منوّهة إلى أن “الشرف الحقيقي هو الإخلاص بالعمل والصدق والأمانة وحب الوطن”، مشددة على ضرورة “اتخاذ وقفة حقيقية ومواقف حكومية لمحاسبة أي تشهير ضد المرأة“.
وهذا ما نبهت إليه أيضاً رئيسة منظمة “آيسن” لحقوق الإنسان، انسام سلمان، مشيرة إلى أن “المنافسة ينبغي أن تكون على أساس الموقف والمبدأ والوطنية وتبني قضايا مجتمعية، لكن ما حصل في عموم الانتخابات السابقة ومستمر إلى الآن هو تعرُّض النساء المرشحات للانتخابات أو اللاتي في مناصب معينة لحملات تسقيط وتشويه السمعة والسب والقذف“.
وذكرت سلمان، في حديثها للوكالة، أن “هذه الحملات يتم فيها استخدام مختلف الوسائل المتاحة، بما في ذلك استغلال الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا الحديثة بأساليب التسقيط وتشويه السمعة لإقصاء المرشحات من السباق الانتخابي أو غيرهن من النساء، وفق هجوم ممنهج ومتفق عليه من قبل مجتمع ذكوري يشجع على الطعن بالنساء“.
وعن أسباب اللجوء إلى الطعن بالشرف، أوضحت المدافعة عن حقوق الإنسان، رؤى خلف، أن “استخدام شرف المرأة كأداة يرتبط بالفكر الذكوري السائد في المجتمع، فهي تعتبر الحلقة الأكثر إثارةً لتفاعل الرأي العام، في نهج قديم ضد السياسيات والناشطات وبرز بشكل واضح في عصر السوشيال ميديا“.
ولاحظت خلف في حديثها لوكالة شفق نيوز، أن “النساء هن الأكثر تعرضاً لاستهداف بما يسمى الشرف وتصرفات تُعد خارجة عن النمط المجتمعي، بينما لا يثير سلوك السياسي أو الناشط ردود فعل مماثلة، بل إن المجتمع قد يتغاضى عنه، لكن عند النساء تُستخدم وصمة على خلاف الرجال“.
وللحد من هذه الظاهرة، رأت المدافعة عن حقوق الإنسان، أن “هناك حاجة إلى إجراءات حكومية وتشريعية وتوعية اجتماعية واحترام الخصوصية الفردية، أما تشكيل اللجان والهيئات فهي غير كافية كما حصل في الانتخابات الأخيرة بتشكيل لجنة لحماية المرشحات من الابتزاز الإلكتروني وتوفير بيئة آمنة لهن، لكن لم يكن لها دور بارز في هذا المسعى“.
واتفقت النائبة السابقة في البرلمان العراقي، ريزان الشيخ دلير، مع رؤى خلف، بأن “اللجنة التي تم تشكيلها نهاية عام 2021 لحماية المرشحات لانتخابات الدورة البرلمانية الخامسة (الحالية) لم يعد لها تأثير، رغم أنها كانت تضم مديرية حماية المرأة، ومديرية الحماية من العنف الأسري، ومجلس القضاء الأعلى، وجهاز الأمن الوطني“.
وأرجعت شيخ دلير، قلة تأثير اللجان التي تكافح هذه الحملات في حديثها لوكالة شفق نيوز، إلى أن “هذه الحملات تُطلق أحياناً من أشخاص داخل الحكومة نفسها، أو من قيادات حزبية في سبيل استهداف الحزب المنافس لها، وبالتالي يتم انتهاك سمعة المرأة المرشحة في حزبه، الأمر الذي يتطلب تشديد العقوبات على مثل هذه التصرفات“.
وتنص المادة 433 من قانون العقوبات العراقي على أن “كل من قذف غيره بإسناد واقعة معينة إليه بإحدى طرق العلانية من شأنها لو صحت أن توجب عقابه أو احتقاره عند أهل وطنه، يُعاقب بالحبس من شهر إلى سنة وبالغرامة من خمسة دنانير إلى خمسين ديناراً أو بإحدى هاتين العقوبتين”، وفق المحامية هلين حسين.
وأكدت المحامية، خلال حديثها للوكالة، أن “استخدام الكرامة الشخصية كسلاح لتأديب المرأة وإرهابها، هو ممارسة تُصنّف ضمن جرائم العنف الرمزي والاجتماعي، وتمثل امتداداً لخطاب الكراهية الذي يبرّر الاعتداء ويمنحه غطاءً اجتماعياً“.
ولفتت إلى أن “استهداف المرأة في كرامتها محاولة واضحة لكسر صوتها، خصوصاً عندما تكون حاضرة وفاعلة، وما تعرضت له المحامية زينب جواد مؤخراً لا يمسها وحدها، بل كل امرأة يمكن أن تتعرض للهجوم لمجرد أنها رفضت الصمت“.
واعتبرت القانونية، أن “التشهير ليس رأياً، والطعن بالشرف ليس خلافاً. بل يُعد تحريضاً علنياً على العنف يجب تجريمه قانونياً وأخلاقياً“.
ومن المعالجات أيضاً، شددت المستشارة في شؤون المرأة، عواطف تركي رشيد، على أهمية “رفع وعي المجتمع بضرورة المشاركة السياسية للمرأة واحترام حقها، وتفعيل قوانين حماية المرأة وتكثيف الإجراءات التي تضمن سلامة النساء، وإنزال أشد العقوبات بمن تسول له نفسه التعامل معهن بطريقة تسقيطية“.
ونبهت المستشارة، في حديثها لوكالة شفق نيوز، إلى أن “تعريف الشرف لا يزال ينحصر في العلاقات الجنسية للمرأة، وفي هذا استبعاد لمعايير الشرف في المنظومة الأخلاقية، فالسارق والمبتز والكاذب والخائن والقاتل والعميل لا يحاسبون على انهيار هذه المبادئ الغائبة لدى كثير من الرجال“.
وخلصت رشيد، إلى القول إن “الشرف في المجتمع العراقي قضية شائكة، لأنه يحمل المرأة مسؤولية الشرف ابتداءً من شرفها هي، مروراً بشرف العائلة والعشيرة وحتى شرف نساء الأمة”.
