Skip links

العلاقة الارتدادية بين السياسة والاعلام

مقالات

د رافع الكبيسي

هل شكل الاعلام الجزء الكبير من نجاح العمل السياسي، ام انه شكل الجزء الأكبر من فشل العمل السياسي، وفي كلا الحالتين فالاعلام والسياسة وجهان لعملة واحدة، فكل وجه يمثل نظرية فيها من التآمر بقدر مافيها من الاصلاح، والعملة هي القيمة الوطنية العراقية التي تكاد ان تضيع مابين نظرية المؤامرة ونظرية الاصلاح، وهنا تكمن خطورة المشهد السياسي الاعلامي العراقي، ذلك ان استبداد الخطاب السياسي ومحاولة هيمنته على مختلف التناولات الاعلامية اسقط بغض المؤسسات الاعلامية في جدلية المهنية من جهة.، والحرية من جهة اخرى، والنوازع النفسية والانتماءات الايديولوجية المسيسة من جهة ثالثة، وعلى هذا الاساس يمكن ان تضيع القيمة الوطنية التي ينشدها كل الشرفاء والاوفياء لهذا البلد في خضم صراع مابين السياسة والاعلام يفتقد الى الحكمة والتعقل والاتزان متجها نحو سلم الانحدار الذي سوف يلغي او ينهي مرحلة تسع سنوات تجربة لانقول عنها انها كانت ناجحة بالتمام والكمال، الا انها تحسب تجربة يمكن ان يقاس من خلالها حجم الفشل او النجاح.

لعل من البديهيات ان اذكر ان الواقع السياسي في اي بلد لابد ان يستند على سلسلة من الركائز لبناء كيانه السياسي وتحديد اسس اهدافه المستقبلية وتفعيل نظريته وفق الاطر الايديولوجية والفكرية ووفق المرحلة التأريخية التي يمر بها البلد، ولعل من اولويات هذه المرتكزات هي القاعدة الجماهيرية، والبرنامج السياسي والانتخابي والقناعة الشعبية بالاهداف والشعارات والوعود التي تطلق لكي تساهم في توسيع الرقعة الجماهيرية التي تساهم في خلق حيز واسع من المساحة التي يجري فيها التحرك من اجل الكسب والمناصرة، وطرح الافكار والمناقشة، ومن ثم التأكيد على حقيقة المصداقية والتوجهات الوطنية التي تؤطر افكار وبرامج الحزب ايا كان اتجاهه طالما طرح نفسه كمشروع لتحقيق الافضلية للشعب والقضاء على الاستبداد والدكتاتوريات والقمع والاضطهاد، وهذا طبعا ينطبق على الاحزاب التقدمية التي تنظر الى مصلحة الشعوب وتنادي من اجل حياة حرة كريمة له في محاولات نضالية مختلفة الاساليب للارتقاء به الى مستويات راقية تبعده عن الظلم والفقر والعزل والتهميش وتقربه الى مستويات  العيش الرغيد الذي يحفظ حقوقه ويحدد واجبات.

وعلى اساس ذلك فأن المنظومة السياسية بقيت تتعامل مع المؤسسة الاعلامية على انها صيغة التقديم والايصال، التلميع والتزيين لبعض وجوه الاطراف السياسية من خلال توليف وترتيب التصريحات والخطاب السياسي لاغراض ونوايا تهدف  للترويج لاهداف وغايات استباقية لصناعة قضية ما تكرس للكسب المضاف او التسقيط المغرض، وهذه الحالة كانت وماتزال احد اهم نقاط الخلافات السياسية والتي بدأت تتعمق في الاونة الاخيرة مبتعدة كليا عن حيز التوافقات والحلول، فهل ابتعدت الماكنة الاعلامية عن حيز الحياد، وهل خضعت  للضغوط السياسية مقابل حفنة من الدولارات، وهل انتهجت مبدأ التسويق العشوائي على حساب المصلحة الوطنية، ام انها لاتزال تعيش بين نارين اما الترويج لكل ماهو زائف وغير حقيقي او الانحدار لمستويات التشهير والترويع بهدف ممارسة سياسة التسقيط للبعض  وتلميع وجوه البعض الاخر… واين يقف الاعلام المستقل بمهنيته ونزاهته وواقعيته بين كل هذه المتنافضات، هذه الاسئلة وغيرها اكثر لاتجيب عليها الحقائق، لانها تتخفى بأقنعة تحت مسميات متعددة الاتجاهات  ومتعددت الاجندات تسخر نواياها الدنيئة لخدمة مصالحها من خلال توغلها في الساحة العراقية عبر الابواق الاعلامية التي تبث سمومها في محاولات لغسل العقول واستجداء القناعات متسلحة بقول غوبلز اكذب… اكذب… اكذب… حتى يصدقك الناس.

اترك تعليقًا

عرض
Drag