Skip links

الكراهية ليست رأيًا

مشتاق الربيعي

يُعدّ خطاب الكراهية واحدًا من أخطر الظواهر التي تهدد استقرار المجتمعات وتقوّض أسس التعايش السلمي بين أبنائها، وهو مرفوض رفضًا قاطعًا من قبل جميع العقلاء وأصحاب الضمائر الحية

يُعدّ خطاب الكراهية واحدًا من أخطر الظواهر التي تهدد استقرار المجتمعات وتقوّض أسس التعايش السلمي بين أبنائها، وهو مرفوض رفضًا قاطعًا من قبل جميع العقلاء وأصحاب الضمائر الحية، لما يحمله من تحريض مباشر على الفرقة والعداء، وما يزرعه من أحقاد تُغذّي العنف وتُمهّد لانهيار السلم الأهلي والمجتمعي.

والمؤلم حقًا أن هذا الخطاب لم يعد مقتصرًا على فئات هامشية أو أصوات نشاز، بل بات يصدر عن بعض مسؤولي الدولة، وكذلك عن عدد من المتصدّرين للمشهد السياسي والإعلامي، ممن يُفترض بهم أن يكونوا قدوة في الخطاب الوطني المسؤول، لا أدوات لتأجيج الانقسام وإثارة النعرات الطائفية والقومية والاجتماعية.

وحتى هذه اللحظة، ما تزال إجراءات الجهات ذات العلاقة ضعيفة ومتواضعة، ولا ترتقي إلى حجم الخطر الحقيقي الذي يمثله هذا الخطاب، الأمر الذي يستدعي موقفًا حازمًا وجادًا، يبدأ بتفعيل القوانين النافذة، ومحاسبة كل من يتعمد نشر الكراهية، وزجّهم في السجون، مع إلزامهم بتعهدات قانونية صارمة تمنعهم من العودة مجددًا إلى هذا النهج الهدّام، لما له من أثر بالغ في تمزيق النسيج الاجتماعي، وتشظي المجتمع، وتفريق أبناء الوطن الواحد بعد أن جمعهم تاريخ ومصير مشترك.

والأدهى من ذلك كله، أن يتم تسويق هذا السلوك المسموم على أنه حرية رأي أو ممارسة ديمقراطية، في حين أن الديمقراطية الحقيقية لا تقوم على التحريض والكراهية، بل على احترام الآخر، وقبول الاختلاف، والاحتكام إلى القانون، والحفاظ على كرامة الإنسان. فما يُمارَس اليوم ليس ديمقراطية على الإطلاق، بل هو نشر للسموم الفكرية، وتشويه لصورة البلاد أمام العالم، وإساءة مباشرة للعراق وشعبه وتاريخه.

ولا أعلم متى نتخلّص من أصحاب هذه العقول الملوّثة التي أسرت نفسها داخل دائرة الحقد والإقصاء، لكنني على يقين بأننا لو جمعنا مساحيق التنقية في العالم أجمع، لما استطاعت أن تُطهّر عقولًا استوطنتها هذه الأفكار الدخيلة، واعتادت التغذي على الانقسام والكراهية بدلًا من العقل والحكمة والوطنية الصادقة

اترك تعليقًا

عرض
Drag