Skip links

أمة تكتفي بالكلام وغزة تباد

الأمّة العربية والإسلامية وموقفها من الشعب الفلسطيني


يبدو موقف الأمّة العربية والإسلامية تجاه ما يتعرّض له الشعب الفلسطيني موقفًا سلبيًا إلى حدٍّ بالغ الخطورة، بل يرقى إلى مستوى التقصير التاريخي، في وقتٍ يواصل فيه الكيان الصهيوني استهتاره غير المسبوق بكل القيم الإنسانية والأخلاقية، متحدّيًا القوانين الدولية وقرارات الشرعية العالمية، غير آبهٍ بدماء الأبرياء ولا بصرخات الضحايا.
إن آلة الموت الصهيونية ما زالت تتلاعب بأرواح أهالي غزة على مرأى ومسمع من العالم، دون أي رادع حقيقي، فلم تفرّق بين طفل وامرأة، ولا بين شاب وشيخ، ولا بين مريض وآمن في منزله.
ولم يسلم من هذا العدوان الغاشم شيء؛ فلا دورُ العلم كانت بمنأى عن القصف، ولا دورُ العبادة حُيّدت، ولا المنازل، ولا العمارات السكنية التي تأوي المدنيين العزّل.
بيوت تُدمَّر، ومستشفيات تُستهدف، ومدارس تتحوّل إلى ركام، في مشهدٍ يعكس سياسة تدمير ممنهجة وإبادة صامتة.
وما يجري اليوم ليس عدوانًا عابرًا ولا حدثًا طارئًا، بل جريمة مستمرة بحق شعبٍ حرٍّ أعزل، سُلبت حقوقه منذ وعد بلفور المشؤوم، وشُرّد من أرضه، وحُوصِر في لقمة عيشه، وما زال يدفع حتى هذه اللحظة ثمن الظلم التاريخي، والصمت الدولي، والتخاذل العربي والإسلامي.
وفي خضم هذه المأساة، يبرز سؤال موجع لا يمكن تجاهله:
أين موقف جامعة الدول العربية، التي يُفترض بها أن تكون الصوت الجامع والمدافع الأول عن قضايا الأمّة؟ ولماذا غابت عن واحدة من أخطر القضايا المصيرية التي تمسّ الأمن القومي العربي والضمير الإنساني؟
كما يلفّ الغموض مواقف المنظمات الدولية المعنية بحقوق الإنسان، والتي طالما رفعت شعارات العدالة والحرية، لكنها اليوم تكتفي ببيانات خجولة لا توقف عدوانًا، ولا تحمي طفلًا، ولا تنقذ شعبًا محاصرًا.
أما منظمات الأمم المتحدة، التي أُنشئت أساسًا لحماية الشعوب وصون السلم الدولي، فقد بدت عاجزة أو صامتة أمام نزيف الدم الفلسطيني، وكأن القوانين الدولية تُطبَّق بانتقائية فاضحة؛ تُفرض على الضعفاء، وتُعلَّق حين يكون الضحية هو الشعب الفلسطيني، ومعها باقي المنظمات ذات الصلة والعلاقة، التي تقاعست عن تحمّل مسؤولياتها القانونية والإنسانية والأخلاقية.
وبالحقيقة، لا بد من قولها وبصريح العبارة، دون تجميل أو مواربة:
ما يحدث اليوم لا يفضح وحشية العدو وحده، بل يكشف حجم العجز والتخاذل الذي وصلت إليه الأمّة العربية.
أمّةٌ اكتفت بالشعارات الرنّانة، والخطابات العاطفية، والبيانات الموسمية، بينما تُرتكب المجازر على الهواء مباشرة.
غاب الفعل، وحضر الصمت، حتى بات هذا الصمت شريكًا في الجريمة، وأثقل وقعًا من القصف نفسه

اترك تعليقًا

عرض
Drag