Skip links

12يوماً فقط.. حظر جديد يهدد المائدة العراقية وسط مخاوف من الغلاء

تقارير

من المقرر أن يبدأ تطبيق قرار منع استيراد الدجاج المجمد و مصنعاته إلى العراق في 23 تشرين الأول/أكتوبر الجاري، بعد أن صوّت عليه المجلس الوزاري للاقتصاد في 8 أيلول/سبتمبر الماضي، وأُعطي القرار مهلة 45 يوماً قبل دخوله حيز التنفيذ، لإتاحة الوقت أمام الجهات المعنية لاتخاذ الترتيبات اللازمة، بناءً على توصية من وزارة الزراعة العراقية.

ويهدف القرار الذي سيكون ساري المفعول بعد 12 يوماً فقط إلى حماية المنتج المحلي وتحقيق الأمن الغذائي وتطوير صناعة الدواجن الوطنية بحسب وزارة الزراعة، في وقت تتصاعد فيه المخاوف من انعكاساته على الأسعار والتوازن بين العرض والطلب في الأسواق المحلية.

حماية المنتج المحلي

وفي هذا السياق يوضح وكيل وزارة الزراعة العراقية، مهدي سهر الجبوري أن القرار استند إلى تقرير فني رفعته الوزارة للمجلس الوزاري للاقتصاد، وهو لا يشمل بيض المائدة أو الدجاج الحي، إذ تم منع استيرادهما منذ فترات سابقة، الأول قبل أكثر من عام، والدجاج الحي منذ عام 2019.

ويقول الجبوري، لوكالة شفق نيوز، إن “القرار الحالي يشمل الدجاج المجزور المجمد والمقطعات والمصنعات، بهدف حماية المنتج المحلي، مع التأكيد على أن الوزارة والجهات المعنية ستراقب الأسعار بشكل مستمر وإذا لم تستقر الأسعار أو تجاوزت السقف المحدد من قبل الوزارة والمنتجين المحليين، فإنه سيتم فتح الاستيراد مباشرة لإعادة التوازن للأسواق“.

وبحسب التسعيرة الحكومية المعتمدة، فإن سعر طبقة البيض 3 آلاف دينار، والدجاجة الواحدة (1,300) غرام، بسعر 4 آلاف دينار، وفق بيان لوزارة الزراعة في 5 تشرين الأول/ أكتوبر الجاري، والذي نفت فيه ارتفاع أسعار الدواجن في الأسواق المحلية.

وبالعودة إلى الجبوري، ورداً على التساؤلات حول قدرة المجازر المحلية على تلبية الطلب، يبيّن أن “المجازر ما تزال تعمل دون طاقتها الإنتاجية الكاملة، بسبب التدهور الذي أصابها منذ عام 2003، لكن هناك خطة لإعادة تأهيلها خلال الفترة المقبلة“.

كما يشدد وكيل وزارة الزراعة، على أهمية العملية الإنتاجية المتكاملة التي تبدأ من تصنيع الأعلاف، مروراً بالتفقيس وحقول الدواجن، وانتهاءً بالمجازر والمصانع المحلية، مؤكداً أن “الاعتماد على الإنتاج المحلي سيوفر فرص عمل ويحافظ على العملة داخل البلاد.

ويبلغ عدد حقول الدواجن في العراق نحو 1200 حقل على مستوى البلاد باستثناء إقليم كوردستان، فيما تبلغ عدد منشآت الدجاج البياض حوالي 500 حقل، والدجاج اللاحم نحو 700 حقل، وفق تصريحات رسمية.

تحذيرات من الاستغلال

من جانبه، يعبّر الخبير الاقتصادي كريم الحلو، عن دعمه للحظر، مشدداً على ضرورة منع استيراد منتجات قد تكون غير آمنة أو من مصادر غير موثوقة، لكنه في الوقت نفسه يحذر من استغلال بعض المنتجين المحليين لهذا القرار لفرض أسعار غير عادلة على المستهلك.

وبحسب حديث الحلو، لوكالة شفق نيوز، فإن المشكلة ليست في الإنتاج بل في الرقابة، فإذا غابت الرقابة، فسيتحول المنع إلى وسيلة لاحتكار السوق.

لكنه يشير في نفس الوقت، إلى أن “تربية الدواجن في العراق مشروع استراتيجي وسهل التطبيق، ويجب أن يُدعم، وفق شروط صارمة من الرقابة والمنع التام للتهريب، ورغم أن الاستيراد ليس ضرورة حالياً، لكنه يجب أن يبقى خياراً احتياطياً لتفادي أزمات السوق“.

فجوة وخطط غير مكتملة

أما الخبير الزراعي خطاب الضامن، فهو يرى أن الحكومة تعتمد منذ سنوات سياسة تقليل الواردات لحماية المنتج المحلي، لكن الواقع يكشف عن فجوة كبيرة في الطاقة الإنتاجية، قائلاً: “إذ أن المعروض أقل من الطلب، ما يؤدي إلى ارتفاع الأسعار، وبالتالي الحماية ضرورية ولكن يجب أن تكون وفق خطة واضحة ومبنية على قدرات حقيقية“.

وفي حديث للوكالة، يؤكد الضامن، على “ضرورة وجود رؤية اقتصادية شاملة تأخذ بعين الاعتبار القدرة الفعلية للمزارع والمجازر المحلية، حتى لا يؤدي المنع إلى فجوة بين العرض والطلب، يدفع ثمنها المواطن المستهلك في النهاية“.

كما يعتبر أن “توفير الحماية للمنتج المحلي له أبعاد اقتصادية وأمنية واجتماعية، أبرزها خلق فرص عمل وتقليل استنزاف الدولار عبر الاستيراد”، لكنه قال: “يجب ألا تأتي هذه الحماية على حساب المستهلك العراقي“.

تغطية حاجة الاستهلاك

وأمام هذه المخاوف، أكدت وزارة الزراعة العراقية في نيسان/ أبريل 2025، أن الطاقات الإنتاجية المحلية لمشاريع الدواجن في البلاد كافية لسد حاجة الاستهلاك المحلي بعد أخذ عوامل عدة في الاعتبار منها حاجة الفرد للاستهلاك السنوي والتعداد السكاني لعام 2024.

وأضافت الوزارة في بيان أنه تم الأخذ بعين الاعتبار الاحتياج السنوي للبلاد من لحوم الدجاج والذي يبلغ 1,135,198 طن سنوياً بالإضافة إلى الطاقات الإنتاجية للمجازر العاملة في العراق والبالغة 1,167,091 طن سنوياً.

إلى جانب ذلك، تم الأخذ في الحسبان الطاقات الإنتاجية لخطوط المقطعات التي تبلغ 423,960 طن سنوياً من مقطعات الدجاج المنتجة محلياً، وكذلك الطاقات الإنتاجية لخطوط المصنعات والتي تصل إلى 950,103 طن سنوياً من مصنعات الدجاج المنتجة محلياً، بحسب الوزارة.

وأوضحت أنه نتيجة المقارنة بين كميات الاستهلاك السنوي لمنتجات الدواجن في العراق وكميات الناتج المحلي العراقي السنوي يتبين أن الطاقات الإنتاجية المحلية للمشاريع العاملة في العراق كافية لسد حاجة الاستهلاك المحلي.

أزمة عميقة

ورغم هذه التطمينات الرسمية، يرى مراقبون في منظور أكثر عمقاً، أن الأزمة تتجاوز قضية العرض والطلب، حيث يصف الباحث الاقتصادي أحمد عيد، ما يحدث بأنه “أزمة هيكلية في إدارة ملف الأمن الغذائي وسوء توزيع للدعم الحكومي“.

ويلفت عيد، خلال حديثه للوكالة إلى أن تكاليف الأعلاف تمثل نحو 70% من تكلفة الإنتاج، وقد ارتفعت بنسبة 30% مؤخراً بسبب تقلبات سعر الصرف ورسوم النقل والجمارك، ما جعل المزارعين الصغار عاجزين عن المنافسة أمام التجار الكبار والمستوردين.

وخلص بالقول إن “الحديث عن اكتفاء ذاتي حقيقي لا يمكن أن يتحقق دون سيطرة الدولة على التسعير ومنع الاحتكار، ودعم مستلزمات الإنتاج، أما ما يجري الآن فهو صراع مصالح يهدد الأمن الغذائي واستقرار السوق”.

اترك تعليقًا

عرض
Drag