1083يوماً من الإخفاق أم الإنجاز؟.. تقييم جريء لحكم السوداني
تقارير
لم يتبقّ من عمر حكومة رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني سوى أشهر قليلة قبل انتهاء ولايتها مع قرب ختام الدورة البرلمانية الخامسة وإجراء الانتخابات التشريعية المقررة في 11 تشرين الثاني/نوفمبر 2025.
السوداني، الذي تسلّم مهامه في 27 تشرين الأول/أكتوبر 2022 عن عمر ناهز 52 عاماً، جاء بتكليف من تحالف “الإطار التنسيقي”، حاملاً وعوداً كبيرة في ملفات الخدمات، ومحاربة الفساد، وتحقيق التوازن في السياسة الخارجية.
واليوم، مع اقتراب نهاية فترته، التي مضى عليها 1083 يوماً، تتباين قراءات الشارع والسياسيين حول الأداء العام للحكومة، بين من يعدّها “حكومة إنجازات” أعادت الثقة بالدولة، وبين من يرى أنها لم ترتقِ إلى مستوى الطموح وسط أزمات متراكمة.
حكومة توازن واستقرار
وفي هذا السياق، استطرد الكاتب والمحلل السياسي علي البيدر، بالقول إن حكومة السوداني “نجحت في تحقيق العديد من الإنجازات، لا سيما في ملف العلاقات الخارجية وصناعة توازن جديد في السياسة الإقليمية، إلى جانب تحقيق حالة من الاستقرار الداخلي“.
وأكد البيدر، خلال حديثه للوكالة، أن الحكومة “أعادت الثقة بين المواطن ومؤسسات الدولة، وقد تكون من أفضل الحكومات التي جاءت بعد عام 2003“.
وقال إن “النجاحات التي حققتها حكومة السوداني ستحرج أي حكومة لاحقة إذا ما عجزت عن مجاراة هذا المستوى“.
نجاح نسبي
وفي التوجه نفسه لكن بتقدير أقل، وجد المحلل السياسي مجاشع التميمي، أن حكومة السوداني “نجحت نسبياً في تحقيق استقرار سياسي وأمني وخدمي”، وأظهرت قدرة على إدارة التوازنات الداخلية والإقليمية.
لكن التميمي ذكر خلال حديثه لوكالة شفق نيوز، أن “الاختراق الحقيقي في ملفات حيوية مثل الخدمات، والفساد، وتنويع الاقتصاد لم يتحقق“.
ونتيجة لذلك، شدد على أن “الإنجازات الإدارية والتنظيمية لا تكفي إن لم تُترجم إلى تحسّن ملموس في حياة المواطن، وبالتالي ستكون المرحلة المقبلة اختباراً حقيقياً لصدق الوعود، ولقدرة الحكومة المقبلة على الانتقال من إدارة الأزمات إلى بناء دولة مؤسسات“.
إيجابيات وإخفاقات
وبين الإيجابيات والإخفاقات، رأى عقيل الرديني، عضو ائتلاف النصر، بزعامة رئيس الوزراء العراقي الأسبق حيدر العبادي، أن الحكومة الحالية “نجحت في إعادة إحياء المشاريع المتلكئة، والاهتمام بالبنى التحتية في بغداد والمحافظات، والحد من استيراد البنزين، إضافة إلى استثمار الغاز والعمل في ميناء الفاو وطريق التنمية”، فضلاً عن “رضى المحيطين الإقليمي والدولي عنها“.
لكن الرديني لم يخفِ خلال حديثه للوكالة، انتقاداته قائلاً إن “الحكومة ارتكبت أخطاء، مثل التعيينات غير المبررة التي أرهقت الميزانية – بأكثر من مليون درجة وظيفية – وكذلك ضعف الأداء في ملف مكافحة الفساد واستمرار التجاوزات على المال العام“.
كما نبه إلى أن “المجاملات السياسية والسعي نحو انتخابات أو ولاية ثانية أثّرت على الأداء، وتسببت في منح المشاريع والامتيازات بشكل غير مدروس، وهو ما يحمّل الحكومة مسؤولية سياسية وأخلاقية“.
دون نتائج
أما النائب عقيل الفتلاوي، المتحدث باسم ائتلاف دولة القانون بزعامة رئيس الوزراء العراقي الأسبق نوري المالكي، فكان أكثر نقداً، قائلاً إن “أموالاً طائلة صُرفت دون أن يشعر المواطن بتحسّن حقيقي، بل استمر سوء التخطيط والازدحامات المرورية”، كما ورّثت الحكومة الحالية للحكومة المقبلة “مشاريع مالية مستعصية“.
وأشار الفتلاوي، خلال حديثه لوكالة شفق نيوز، إلى أن “الكثير من قوى الإطار التنسيقي غير مؤمنة بالتجديد لولاية ثانية للسوداني”، مرجعاً أحد أسباب ذلك إلى “فشل السياسة الخارجية في ضمان الحقوق المائية للعراق، وخاصة من الجانب التركي، ما انعكس سلباً على الفلاحين والمزارعين“.
وبحسب الفتلاوي، فإن “الزيارات الخارجية للحكومة لم تتجاوز الجانب البروتوكولي، ولم تثمر عن مكاسب ملموسة للعراقيين، وبالتالي لم يكن الواقع السياسي والخدمي والاقتصادي بمستوى الطموح في حكومة السوداني“.
فشل استراتيجي
وعلى المنوال ذاته، اعتبر النائب السابق رزاق الحيدري، أن “الحكومة الحالية تُقيّم بين مدح وذم، لكن الواقع الميداني، خاصة في المحافظات الجنوبية، يعكس تدميراً شبه كامل في البنى التحتية، وفساداً مالياً وإدارياً غير مسبوق“.
وانتقد الحيدري، خلال حديثه للوكالة، غياب الرقابة البرلمانية، قائلاً: “أكثر من عام مرّ دون جلسات رقابية حقيقية بعد شغور منصب رئيس مجلس النواب، والحكومات دون رقابة لا يمكن أن تعمل بكفاءة“.
كما لفت إلى أن “ملف المياه شهد فشلاً كبيراً، ما تسبب بهجرة مئات آلاف العوائل من الأرياف إلى المدن“.
وحذر الحيدري، في الختام من أن “غياب موسم زراعي شتوي في العراق لأول مرة في تاريخه يمثل انتكاسة تهدد الأمن الغذائي، وهو مؤشر على الإخفاق الاستراتيجي في ملفات حيوية”.
