هل ينجح العراق برهانه على الذكاء الاصطناعي في التعليم؟
تقارير
في ظل الثورة الرقمية المتسارعة التي يشهدها العالم، لم يعد الذكاء الاصطناعي مجرد تقنية حديثة، بل أصبح ضرورة إستراتيجية تمس مختلف جوانب الحياة، وعلى رأسها قطاع التعليم.
ومع تزايد أهمية الذكاء الاصطناعي في صياغة مستقبل المعرفة، اتخذت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي في العراق خطوة جريئة نحو تحديث المنظومة الأكاديمية، وذلك من خلال استحداث كليتين جديدتين في جامعة بغداد، هما كلية التميز وكلية الذكاء الاصطناعي، بدءاً من العام الدراسي 2025-2026.
ويرى المختصون في هذا المجال، أن هذا القرار يأتي في إطار سعي العراق لمواكبة التحولات العالمية في مجالات التكنولوجيا والتعليم، وإعداد جيل أكاديمي يمتلك أدوات العصر الرقمي.
وتضم كلية التميّز أقسام نظم المعلومات التطبيقية، وعلم البيانات، وإدارة الأعمال التجارية الإلكترونية، والمحاسبة والمصارف، والفلسفة، وعلم الاجتماع، فيما تضم كلية الذكاء الاصطناعي تخصصات التطبيقات الهندسية، والتطبيقات الطبية الحيوية، والبيانات الضخمة.
مواكبة التطور
ويوضح عضو لجنة التعليم العالي النيابية فراس المسلماوي، لوكالة شفق نيوز، أن “وزارة التعليم العالي مهتمة بالذكاء الاصطناعي والتخصصات الحديثة التي دخلت العلم، فالعالم يشهد قفزات نوعية في مجال التطور والذكاء الاصطناعي“.
ويضيف أن “للذكاء الاصطناعي أهمية كبيرة في مجالات الطب والمعرفة وصياغة الأفكار والتخطيط وسرعة الحصول على المعلومة وغيرها”، منوهاً إلى أنه “لهذا السبب فُتحت في الجامعات أقسام للذكاء الاصطناعي الذي يمكن توظيفه في خدمة الإنسان“.
ويشير إلى أن “هذا العام شهد إدخال الذكاء الاصطناعي في موضوع الزيارة الأربعينية من خلال مؤتمر طب الحشود الذي أقامته هيئة الحشد الشعبي ومديرية الطبابة بالتعاون مع جامعة الصفين، حيث تم وضع برنامج نقاط الصحة الذي يساعد الزائر الذي يتعرض لوعكة صحية على معرفة أقرب مفرزة طبية من خلال تنزيل هذا البرنامج“.
ويتابع المسلماوي، حديثه قائلاً: “لابد من أن تكون هناك عينات أو نماذج في بعض الجامعات تتعلق بالذكاء الاصطناعي، وفي حال نجاحها يمكن توسيعها إلى جامعات أخرى، وسيتم توحيد المناهج الدراسية فيها، لكن طرح المعلومة واستثمار الذكاء الاصطناعي وتوظيفه في العلوم العامة أصبح أمراً مطلوباً“.
ونوه إلى “وجود أكثر من منهج بهذا الخصوص، فضلاً عن الاستفادة من تجارب الآخرين لتدريس الذكاء الاصطناعي الذي بدأ يدخل جميع المجالات الإنسانية والعلمية“.
ويلفت المسلماوي، إلى “وجود توجه جيد من الطلبة وإقبال على هذا التخصص، وقد تم التأكد من ذلك من خلال تجربة جامعة وارث الأنبياء في محافظة كربلاء التي فتحت قسم الذكاء الاصطناعي ولقي إقبالاً كبيراً من الطلبة“.
ويؤكد أن “وزارة التعليم العالي تمتلك الاستعداد والأهلية الكاملة لفتح كليات تختص بالذكاء الاصطناعي وتطويرها لتصبح جامعات في المستقبل“.
وكانت وزارة التعليم العالي قد حدّدت تاريخ 20 آب/ أغسطس الجاري موعداً لاستكمال المتطلبات اللوجستية والبشرية الخاصة بفتح الكليتين، ووجهت دائرة الدراسات والتخطيط والمتابعة بوضع ضوابط القبول وآلية التقديم بما يضمن استقطاب الكفاءات الطلابية واستيعاب الطاقات المتطلعة إلى بيئات تعليمية متجددة.
الابتكار الرقمي
ويرى مختصون أن الذكاء الاصطناعي يساعد الطلبة على تقديم خططاً تعليمية لتلبية احتياجاتهم ويعزز أدائهم الأكاديمي، كما يساهم في تقليل الوقت والجهد، وهو ما يتيح للطلبة التركيز على الجوانب الإبداعية والبحثية.
ويؤكد الأستاذ في كلية الإعلام بجامعة بغداد، علاء نجاح، أن “العراق بحاجة إلى بنية تحتية لتغطية كليات الذكاء الاصطناعي والدراسات العليا الخاصة به“.
ويضيف في حديثه لوكالة شفق نيوز، أن “الخطوة الأولى في هذا المجال لابد منها، وهي أن نبدأ بوضع موطئ قدم، لأننا إن لم نواكب التقنيات الحديثة سنكون أميين بالتقنيات التكنولوجية”، مبيناً أن “هذه خطوة مهمة، ومن أجل إنجاحها لابد من توفير البنية التحتية والكوادر البشرية الخاصة بالتدريب والتدريس، سواء كانوا من العرب أو الأجانب“.
ويشير إلى ضرورة أن “يكون العراق ضمن الدول التي تتعامل بالذكاء الاصطناعي في شهادات البكالوريوس أو الماجستير والدراسات العليا”، موجهاً في ذات الوقت النصح للطلبة المتخرجين من الصف السادس العلمي بالانضمام إلى كليات الذكاء الاصطناعي، لأنها تناسب التقنيين والمهتمين بفروع الحاسبات.
ويرى أنه “في ظل تطور التكنولوجيا يصبح الذكاء الاصطناعي أداة أساسية لإعداد الطلاب لمستقبل يعتمد بشكل متزايد على الابتكار الرقمي“.
ويشير خبراء إلى أنه بوسع الذكاء الاصطناعي تقديم خطط تعليمية مخصصة لتلبية احتياجات الطلبة بعد الاطلاع على بياناتهم، ومن شأن ذلك تحديد ضوابط القبول بهذه الكليات.
ويسعى العديد من الطلبة للتقديم على الكليتين الجديدتين، لأن التكنولوجيا الرقمية باتت مفتاح التحكم في عالم اليوم.
في حين، يقول الطالب حسن سرمد الغزي، لوكالة شفق نيوز، إنه سيقدم على كلية الذكاء الاصطناعي من أجل ضمان مستقبل مهني يمكنني من العيش برفاهية.
ويضيف “فرص العمل ستكون متاحة بشكل جيد للمتخصصين في مجال التكنولوجيا الرقمية والذكاء الاصطناعي”، مشيراً إلى أنه “لن يحتاج إلى انتظار فرصة التوظيف في القطاع العام“.
أما الطالبة إسراء إبراهيم فقد أبدت حماسة شديدة للدراسة في كلية الذكاء الاصطناعي، وتقول في حديثها لوكالة شفق نيوز “حين تمتلك التكنولوجيا الرقمية والمعرفة التامة باستخدام الذكاء الاصطناعي ستنهال عليك فرص العمل أينما كنت“.
وتضيف “بالإمكان العمل عن بعد مع شركات عالمية بعد التخرج أو العمل مع شركات ومصانع محلية مقابل مردود مالي جيد”، مؤكدة أن “دراسة الذكاء الاصطناعي تعد فرصة جيدة لمستقبل واعد للشباب“.
ووفقاً لبيانات دولية، يعاني العراق من “هشاشة” في العملية التعليمية ويفتقر إلى البنى التحتية والمؤسسات البحثية الرصينة.ويحتاج العراق، إلى الدخول في ميدان التكنولوجيا الرقمية بإنشاء كليات متخصصة، تفسح المجال أمام الطلبة لدراسة الذكاء الاصطناعي الذي بات يدخل في جميع العلوم والمعارف والنواحي الحياتية المختلفة.
