Skip links

نداء لإنقاذ البيئة

مشتاق الربيعي

بعد موجات التصحّر المتسارعة وجفاف الأنهار الصغيرة التي كانت شريان حياة لمناطق عديدة من العراق، نتيجة حرب المياه التي تمارسها دول الجوار، باتت البيئة العراقية تواجه تحديًا آخر لا يقلّ خطورة: تلوّث الهواء.

ففي ظل الانحسار المائي وارتفاع درجات الحرارة، انتشرت داخل المدن معامل ومصانع كان من المفترض أن تُقام بعيدًا عن المناطق السكنية، الأمر الذي أدى إلى تفاقم مستويات التلوث في الهواء، ليصبح المواطن هو الضحية الأولى.

لقد أصبحت بعض المدن، ولا سيما بغداد، تشهد بين الحين والآخر غيوماً من الكبريت والدخان السام تغطي السماء، في مشاهد صادمة لا تليق بمدينة يفترض أن تكون مركزًا للحياة والحضارة لا بؤرة للتلوث. هذا الواقع المؤسف هو نتيجة مباشرة لغياب الرقابة، وضعف تطبيق القوانين، وعدم الالتزام بالمعايير البيئية التي تحمي الناس من الأخطار الصحية.

ومن هنا، ومن هذا المنبر الحر، نوجّه نداءً واضحًا وصريحًا إلى الحكومة العراقية وكل الجهات ذات العلاقة: اتخاذ خطوات حازمة وعاجلة للسيطرة على الأزمة البيئية، بدءًا بنقل المعامل والمصانع إلى خارج مراكز المدن، وتفعيل الرقابة البيئية على مواقع التصنيع، وضمان التزامها بمعايير السلامة والانبعاثات.

كما نؤكد على ضرورة إنشاء حزام أخضر واسع حول المدن، يخدم كحاجز طبيعي يحافظ على الهواء، ويحدّ من انتشار الملوثات، ويساهم في تقليل درجات الحرارة، ويعيد شيئًا من التوازن البيئي الذي فقده العراق خلال السنوات الأخيرة. فالمساحات الخضراء ليست مظهرًا جماليًا فقط، بل هي رئة تتنفس منها المدن، وعامل أساسي في تحقيق الاستقرار المناخي والصحي.

إن حماية البيئة اليوم أصبحت مسؤولية وطنية وأخلاقية قبل أن تكون إجراءً حكوميًا. فالصمت على التلوث يعني القبول بالأمراض، والقبول بتدهور صحة الأجيال القادمة، والقبول بمستقبل بيئي قاتم لا يمكن إصلاحه بسهولة. لذلك، فإننا نطالب بخطة حكومية واضحة تمتد لسنوات، تُبنى على أساس العلم والرقابة الصارمة، وتُنفّذ بشفافية، لضمان حياة آمنة وصحية لكل العراقيين

اترك تعليقًا

عرض
Drag