Skip links

مهمة صعبة في بغداد.. مبعوث ترمب يواجه طهران

تقارير

شفق نيوز- بغداد/ طهران/ لندن

في وقت تتقاطع فيه المصالح الإقليمية وتتعقد موازين القوى داخل العراق، يبرز تعيين المبعوث الأميركي الخاص مارك سافايا بوصفه اختباراً جديداً لطبيعة العلاقة بين بغداد وواشنطن

ويثير تعيين سافايا تساؤلات عن حدود الدور الذي سيمنح له في إدارة ملفات النفوذ الإيراني والأمن والاقتصاد، وعن مدى استعداد الحكومة العراقية لدعمه في مهمته.

فالرجل الذي يجمع بين خلفية تجارية وأصول عراقية كلدانية، يقدمه الرئيس الأميركي دونالد ترمب باعتباره مبعوثاً غير تقليدي يسعى إلى “إعادة بناء الثقة وتعزيز الشراكة مع العراق“.

غير أن مراقبين من بغداد وطهران ولندن يرون أن مهمته ستكون شديدة التعقيد في بيئة سياسية متشابكة، وأنّ طبيعة ارتباطه المباشر بالبيت الأبيض تجعل تحركاته محكومة بأجندة أوسع تتجاوز قدرته الفردية على المناورة.

خطة ترمب

وفي هذا السياق، يقول رئيس مركز التفكير السياسي، إحسان الشمري إنّ مارك سافايا “لن يتصرف بقرارات ذاتية، بل سيكون مرتبطاً بخطة صاغتها لجنة من سبع جهات داخل البيت الأبيض خلال الأشهر الستة الماضية، لتطبيق مقاربة الرئيس ترمب تجاه العراق“.

ويشرح الشمري خلال حديثه لوكالة شفق نيوز أن أبرز ملفات هذه المقاربة ثلاثة، أولها النفوذ الإيراني، إذ تسعى واشنطن إلى “فك الارتباط بين بغداد وطهران بشكل كامل”، مع رفض فكرة دمج الفصائل المسلحة في المؤسسة العسكرية، باعتبار أن هذا الدمج “لن ينهي الأزمة بشكل حقيقي، ولن يتيح للحكومة العراقية أو الإطار التنسيقي مساحة للمناورة“.

أما الملف الثاني فيتعلق بالاقتصاد والنفط العراقي، إذ يرى الشمري أن ترمب “يريد إحكام السيطرة الأميركية على هذا القطاع، ومنع عمليات التهريب أو خلط النفط”، مشيراً إلى أن تصريحات ترمب في مؤتمر شرم الشيخ الأخير عن أن “العراق يمتلك نفطاً لكنه يفتقر لإدارته” تعكس رغبته في جعل واشنطن شريكاً مباشراً في هذا المجال.

ويضيف أن الملف الثالث يتناول التعاون الأمني وإعادة هيكلة العملية السياسية، محذراً من أن العراق “سيواجه سيناريو مختلفاً إن لم يتماشَ مع الرؤية الأميركية”، إذ قد تدرجه واشنطن ضمن قائمة “الدول غير الصديقة” وما يترتب على ذلك من “أثمان باهظة“.

وفي ما يتعلق بموقف بغداد، يؤكد الشمري أن “قدرة الحكومة العراقية على الرفض محدودة”، مبيناً أن “الارتباك الداخلي وتراجع نفوذ حلفاء إيران سيدفعان بغداد إلى التماهي مع الرؤية الأميركية، وقبول معظم ما تتضمنه خطة سافايا“.

قناة مباشرة

من جانبه، يرى أستاذ العلوم السياسية في جامعة إكستر البريطانية هيثم الهيتي أن سافايا “ليس مخططاً إستراتيجياً بقدر ما سيكون وسيطاً مباشراً بين رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني والرئيس ترمب“.

ويقول الهيتي لوكالة شفق نيوز إن “مارك سافايا لم يأتِ من خلفية سياسية أو أكاديمية، بل هو رجل أعمال ناجح نسبياً، وجاء ليكسر القواعد البروتوكولية بين ترمب والسوداني، ويكون قناة اتصال شخصية بين الطرفين“.

ويضيف أن تعيينه جاء بعد مؤتمر شرم الشيخ الأخير، حيث “تأثر ترمب ربما بموقف عربي داعم للسوداني، فقرر إرسال مبعوث شخصي يكون ساعي بريد بينه وبين رئيس الوزراء العراقي“.

وأوضح أن هذه الخطوة تمثل “دعماً أميركياً مباشراً للسوداني ومستقبله السياسي، وبداية لتأسيس علاقة جديدة قد تمهد لإنهاء النفوذ الإيراني في الداخل العراقي“.

كما يعتقد الهيتي أن واشنطن “ستستخدم أدوات اقتصادية للضغط على العراق”، وهو ما “يمنح الحكومة مبرراً داخلياً لاتخاذ إجراءات عملية للحد من القيود المفروضة عليها مقابل خطوات واضحة لتقليص التأثير الإيراني“.

مهمة صعبة

من جهة أخرى، يرى الباحث الإيراني علي أكبر برزنوني أن تعيين سافايا “يعكس إدراك الإدارة الأميركية لأهمية العراق في موازين القوى الإقليمية، خصوصاً أن العراق بالنسبة لإيران ليس مجرد جار، بل عمق إستراتيجي وأمني واقتصادي“.

ويضيف برزنوني لوكالة شفق نيوز أن “أي تحرك أميركي في بغداد ينظر إليه في طهران كمحاولة لتقويض هذا العمق الحيوي، لذلك لن تكون مهمة سافايا سهلة، لأن النفوذ الإيراني في العراق متجذر في العلاقات السياسية والمجتمعية والدينية والاقتصادية“.

ويتوقع أن “قدرة المبعوث الأميركي على إحداث تحول جوهري ستبقى محدودة، فالعوامل الداخلية متشابكة والقرار العراقي يتأثر بتوازنات دقيقة بين واشنطن وطهران“.

وخلص برزنوني إلى أن “محاولات أميركا السابقة لإضعاف العلاقة بين البلدين فشلت، بل إن التعاون بين بغداد وطهران ازداد اتساعاً بناءً على رغبة رسمية وشعبية”.

اترك تعليقًا

عرض
Drag