Skip links

من الديكتاتورية إلى ديمقراطية مشوهة

مقالات

مشتاق الربيعي

لا نعلم اليوم، هل نعيش في ظل دولة علمانية، أم مدنية، أم إسلامية، أم لعلها دولة أفلاطونية لا وجود لها إلا في الخيال؟
فالواقع السياسي الذي نعيشه هو فوضى لا مثيل لها منذ تأسيس الدولة العراقية، وتفاقمت بعد التعديل الذي جرى على قانون الأحوال الشخصية، ذاك التعديل الذي شكّل إهانة صريحة للمرأة العراقية، ومخالفة واضحة للقوانين والأعراف، سواء السماوية منها أم الوضعية.
ورغم الرفض الواسع من القوى الوطنية والشخصيات الاجتماعية والسياسية، ورغم اعتراض المنظمات الدولية ومنظمات حقوق الإنسان، بل وحتى الأمم المتحدة، إلا أنّ بعض القوى السياسية أصرت على تمريره وتشريعه. وهكذا تحول حلم إقامة الدولة المدنية إلى خبر كان، وتبددت آمالنا في بناء دولة يحكمها القانون والعدالة والكرامة الإنسانية.
ولا نعلم ماذا سيجري بعد ذلك، فبعد الخلاص من النظام القمعي الدكتاتوري كنا نحلم بدولة مدنية يسودها الحرية والعدالة والمساواة والديمقراطية، لكن ما حصل كان العكس تمامًا.
إذ بين الحين والآخر نشهد اعتقال ناشطين مدنيين وكتّاب، لمجرد رفضهم لسياسات الحكومات، مع أنّ حرية التعبير مكفولة دستورياً. غير أنّ الدستور، على ما يبدو، أصبح حبرًا على ورق وُضع على الرف، بينما سياسة تكميم الأفواه أثبتت عبر التاريخ أنها غير مجدية إطلاقًا، فقد اتّبعتها الأنظمة الدكتاتورية السابقة في العالم أجمع، وكانت نهايتها السقوط والفشل.
إنّ الانتخابات القادمة مفصلية وغاية في الأهمية، فهي تمثل فرصة لإعادة الأمل وبناء مشروع وطني حقيقي. وعلى الشعب أن يمنح ثقته لشخصيات شابة وكفوءة تحمل هموم الوطن وتضع مصلحة العراق فوق أي اعتبار، لأنّ الشباب هم ثروة العراق الحقيقية، وهم وحدهم القادرون على إحداث التغيير الإيجابي.
أما الجيل السياسي الحالي معظم أبناءه ، فقد أثبت فشله الذريع وعجزه عن إدارة الدولة وتقديم حياة كريمة للمواطنين. واليوم لم يعد أمامنا سوى خيار وحيد: إرادة شعبية واعية ترفض الفساد والفشل، وتتمسك بالمدنية والعدالة والحرية كطريق لبناء عراق جديد.

اترك تعليقًا

عرض
Drag