Skip links

مشاريع متوقفة وفساد متراكم.. أزمات مزمنة تهدد حياة القطاع الصحي العراقي

تقارير

في الوقت الذي يواجه فيه العراق تحديات متفاقمة في القطاع الصحي نتيجة النمو السكاني المتسارع وتزايد الضغط على المستشفيات، تبرز ملامح أزمة عميقة في البنية التحتية الصحية، التي تعاني من ترهل إداري وتلكؤ في الإنجاز وسوء في التخطيط، بحسب ما تؤكده لجنتا الصحة والنزاهة النيابيتان.

وبينما تتعالى المطالبات البرلمانية بوضع خطط واضحة لتطوير المؤسسات الصحية، تواصل أكثر من 70 مستشفى حكومي، بحسب وزارة التخطيط، حالة الجمود بسبب نقص التمويل أو التعقيدات الإدارية، وسط اتهامات نيابية مباشرة لوزارة الصحة بهدر مئات المليارات من الأموال دون جدوى تذكر.

وفي خضم هذه الأزمة، تدافع وزارة الصحة عن أدائها، مشيرة إلى وجود أكثر من 400 مستشفى حكومي وآلاف المراكز الصحية المنتشرة في عموم المحافظات، فضلاً عن مئات المراكز التخصصية، وفق المتحدث باسم الوزارة سيف البدر، الذي يؤكد أن “المعيار لا يقتصر على عدد المؤسسات فحسب، بل في كفاءة النظام الصحي والرعاية بمستوياتها المختلفة“.

ويضيف البدر لوكالة شفق نيوز، أن الوزارة، نجحت خلال السنوات الأخيرة في زيادة عدد الأسرة الطبية وافتتاح مستشفيات جديدة، وتسعى بالتوازي إلى تطوير الرعاية الصحية الأولية، بوصفها خط الدفاع الأول في الوقاية والكشف المبكر عن الأمراض، مؤكداً على أهمية التثقيف الصحي كمكمل أساسي للمنظومة.

وبشأن المناطق النائية التي تشكو من ضعف الخدمات، يشير البدر إلى مشروع “المستشفيات الصينية” الذي يضم إنشاء 16 مستشفى بسعة 100 سرير لكل منها في الأقضية والنواحي، وقد بدأ العمل فعلياً في هذه المشاريع، وسط آمال بأن تسهم في تخفيف الضغط على المراكز الكبرى.

وفي المقابل، يكشف المتحدث باسم وزارة التخطيط، عبد الزهرة الهنداوي، عن جانب أكثر إلحاحاً يتمثل في ملف المستشفيات المتلكئة والمتوقفة، حيث تم تشكيل لجنة حكومية عليا برئاسة نائب رئيس الوزراء – وزير التخطيط محمد تميم، للتعامل مع هذا الملف.

وبحسب الهنداوي، فإن اللجنة نجحت بالفعل في إعادة العمل في عدد كبير من المستشفيات المتوقفة، وتم إنجاز أكثر من 15 مستشفى حتى الآن، من بينها 3 مستشفيات بسعة 400 سرير نفذتها شركة تركية ودخلت الخدمة حديثاً.

ويؤكد المتحدث خلال حديثه لوكالة شفق نيوز أن الجهود مستمرة لمعالجة جميع المشاكل المتعلقة بالمستشفيات المتلكئة البالغ عددها أكثر من 70 مستشفى، بمختلف السعات السريرية (من 50 إلى 600 سرير) في بغداد والمحافظات.

لكن هذه التصريحات لم تكن كافية لطمأنة عضو لجنة الصحة النيابية، باسم الغرابي الذي يعبر عن استيائه من غياب الرؤية الحكومية الواضحة في معالجة أزمة المستشفيات.

ويشير الغرابي خلال حديثه لوكالة شفق نيوز إلى أن العراق بحاجة إلى أكثر من 95 مستشفى جديد لسد النقص الحاد في الأقضية والنواحي، لا سيما في محافظات الوسط والجنوب، حيث تفتقر العديد من المستشفيات الحالية إلى “أدنى مقومات التشغيل بسبب تقادمها وتدهور حالتها الفنية“.

ووفقاً للغرابي، فإن أكثر من 50 مستشفى قيد الإنشاء توقفت بسبب قلة التخصيصات المالية، وتعطل الخطط السابقة لبناء مستشفيات رديفة لتلك التي يعود تاريخ إنشائها إلى سبعينيات القرن الماضي رغم وصول بعضها إلى نسب إنجاز تفوق 70%

ويرجع الغرابي إخفاق القطاع الصحي عموماً إلى سوء الإدارة، وغياب الرقابة على المشاريع المنفذة، وافتقار بعض الكوادر الطبية للكفاءة، إضافة إلى فشل الدولة في تشجيع الاستثمار الصحي بالشكل الصحيح، حيث تركزت الاستثمارات في المجمعات السكنية، في وقت بقي فيه القطاع الصحي يعاني من الإهمال.

ومن زاوية أخرى، يأخذ عضو لجنة النزاهة النيابية باسم خشان القضية إلى مستوى أكثر خطورة، إذ يكشف عن “وجود ملفات فساد كبيرة داخل وزارة الصحة، لا تتعلق بتلكؤ مشاريع البناء فقط، بل تمتد إلى صفقات ومشتريات طبية بمبالغ طائلة“.

ومن أبرز الأمثلة بحسب خشان، صفقة “أقنعة الحالات الحرجة”، التي كلفت الدولة نحو 116 مليار دينار عراقي، والتي صدرت فيها أحكام قضائية بحق بعض المسؤولين، دون أن تسترد الدولة الأموال المهدورة، “نتيجة شمول المتورطين بقانون العفو العام، وامتناع الوزارة عن المطالبة بحقوقها أو تقديم الشكاوى القانونية“.

ويؤكد خشان في النهاية أن “(الشركة العامة لشراء المستلزمات الطبية) تواجه شبهات فساد واسعة، بينما لا تزال الوزارة تفتقر للمعالجات الجدية، وسط بيئة تشريعية أتاحت للفاسدين الإفلات من العقاب، ما جعل نزيف الأموال مستمراً، والخدمات الصحية في حالة تراجع دائم”.

اترك تعليقًا

عرض
Drag