Skip links

لايقرأون … لايسمعون … لايتعضون! المخاوف “حقيقية”.. هل تهدد عودة “داعش” العراق وسوريا؟

تقارير

يؤكد خمسة خبراء عسكريون وباحثون عراقيون وسوريون، أن التحذيرات الأمريكية من التوسع الإقليمي لتنظيمي “داعش” والقاعدة “حقيقية” تستوجب أخذها على محمل الجد، عبر ضبط الحدود والسيطرة على الفراغات الأمنية ورفع مستوى التنسيق الإقليمي خصوصاً بين بغداد وحكومة دمشق الجديدة وقوات سوريا الديمقراطية “قسد“.

وأعربت السفارة الأمريكية في بغداد، مساء أمس السبت، عن “قلقها العميق” إزاء العمليات المستمرة والتوسعات الإقليمية لتنظيمي داعش والقاعدة، مؤكدة في تدوينة على منصة “أكس” أنها تواصل إعطاء الأولوية للشراكات مع الحلفاء والجهات الفاعلة الإقليمية في مكافحة الإرهاب.

وبهذا السياق، يرى الخبير الأمني العراقي سرمد البياتي، في حديثه لوكالة شفق نيوز، أن “التحذيرات الأمريكية بشأن نشاط داعش في العالم يأتي من رؤيتها عن خطر داعش كقوة إقليمية، والعراق جزء من هذا الخطر“.

ويضيف “لكن ليس بالصورة التي تحاول واشنطن إظهارها في العراق، إذ انحصر نشاط التنظيم في مفارز صغيرة غير قادرة على السيطرة على الأرض“.

لكن الخبير العسكري العراقي، علاء النشوع، يعتبر أن “خطر داعش موجود في العراق بمناطق وادي حوران وحمرين وكذلك في البادية السورية، لذلك التحذيرات الأمريكية حقيقية حتى وإن كانت لديها أهداف أخرى، وهذا يعود لأسباب كثيرة، أبرزها افتقار القيادات العراقية إلى تصور واضح لوجود داعش، وإلى القدرات الجوية القادرة على مسح جميع الأراضي“.

ومن الجانب الأمني ينتقل النشوع في حديثه لوكالة شفق نيوز، إلى الجانب السياسي مشيراً إلى أن “الخطابات الطائفية الصادرة من بعض السياسيين خصوصاً مع اقتراب موعد الانتخابات المقررة في (11 تشرين الثاني/ نوفمبر 2025) تثير المخاوف لتأثيرها على الأمن القومي، فضلاً عن الخلافات بين السياسيين والقوى المسلحة بما فيها الفصائل، وهذا جميعه يعكس حالة من الضعف الداخلي للبلاد“.

ويتفق الباحث العراقي أحمد الياسري إلى حد كبير مع ما طرحه علاء النشوع، مبيناً لوكالة شفق نيوز، أن “هناك خطراً حقيقياً على العراق من البوابة السورية، وخصوصاً وأن داعش بدأت تستغل الوضع الأمني الهش لإعادة تأهيل نفسها هناك، ما يستدعي من بغداد عدم ترك قرارات الأمن القومي بيد الفصائل الحزبية وإعادة تنظيم التحالفات الأمنية مع أمريكا ودول المنطقة“.

وتأتي التحذيرات الأمريكية تزامناً مع انطلاق أولى مراحل انسحاب التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة من العراق، حيث خرج أول رتل عسكري أمريكي بالفعل من قاعدة “عين الأسد” باتجاه سوريا الاثنين الماضي.

ويشمل الجدول انسحاب قوات التحالف الدولي من قاعدة “عين الأسد” بالأنبار و”فكتوريا” بمطار بغداد في نهاية أيلول/ سبتمبر 2025، مع نقل جزء منها إلى أربيل عاصمة إقليم كوردستان والكويت، فيما سينخفض عدد القوات تدريجياً من نحو 2000 إلى أقل من 500 جندي في أربيل.

وتثير عمليات الانسحاب من قاعدتي “عين الأسد” و”فكتوريا” إلى أربيل، مخاوف الخبير الأمني سرمد البياتي كونها “قد تعطي ضوءاً أخضر أو تشجيعاً لهذا التنظيم الإرهابي للقيام بعمليات معينة خصوصاً إذا لم يتم الاتفاق مع التحالف الدولي على الرصد الجوي“.

ويشارك مخاوف البياتي، الخبير العسكري علاء النشوع الذي يرى أن “المطالبات بإخراج التحالف الدولي من العراق كانت تنفيذاً لرغبات إيرانية متمثلة بالفصائل المسلحة التي لا تريد وجود قوة فاعلة في العراق على حساب قوتها، وبالتالي أثرت على القرار السياسي الذي نفذ دون النظر إلى القدرات الجوية العراقية“.

ويبدو أن هذه المخاطر مستشعرة منذ اتفاق الانسحاب في عام 2024، وهو ما دفع معهد “نيو لاين انستيتيوت” الأمريكي، المختص بالشؤون السياسية والعسكرية في نيسان/ أبريل 2025 إلى التوصية لإدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بتمديد بقاء القوات الأمريكية في العراق حتى عام 2029، محذراً من خطورة الانسحاب المفاجئ على قدرات قوات الأمن العراقية وجهود محاربة تنظيم “داعش“.

وأشار التقرير الذي ترجمته وكالة شفق نيوز، إلى أن “مقاتلي داعش عززوا زخمهم في بادية سوريا استعداداً لعودة عبر الحدود إلى العراق، وهو مصدر قلق دفع الحكومة الاتحادية العراقية إلى دق ناقوس الخطر والسعي إلى شراكة أمنية طويلة الأمد مع الولايات المتحدة“.

وانسجاماً مع هذا الطرح، يشدد الخبير العسكري علاء النشوع على أن “تأخذ الحكومة العراقية هذه التحذيرات على محمل الجد، ودراستها، ورسم خطة أمنية تحفظ حدود العراق من أي اختراق محتمل“.

وتنبع مخاوف العراق من الساحة السورية، خصوصاً وأن “قيادات داعش النشطة في سوريا تتشكل في غالبيتها من العراقيين”، بحسب الباحث السوري في مركز الفرات للدراسات، لزكين إبراهيم، وهذا برأيه “يجعل الساحة السورية مجرد منصة متقدمة لتصدير الخطر إلى العمق العراقي“.

ويضيف إبراهيم لوكالة شفق نيوز، أن “المؤشرات المتواترة من الداخل السوري – بدءاً من تنفيذ التحالف الدولي في 20 آب/ أغسطس الجاري عملية نوعية باغتيال القيادي في تنظيم داعش العراقي صلاح نومان الجبوري في إدلب، مروراً بإعلان قوات سوريا الديمقراطية (قسد) في 23 من الشهر نفسه عن تصفية أحد قادة الخلايا النائمة في الحسكة – تؤكد أن نشاط داعش لم يعد مجرد تحركات محدودة لمجموعات متناثرة، بل هو مشروع لإعادة تنظيم الصفوف والانطلاق من جديد“.

ويكشف الباحث السوري أن “القيادي الجبوري، كان يسعى لإعادة تنشيط الخلايا وضمان التواصل العملياتي بين سوريا والعراق، بما يجعل الحدود المشتركة بؤرة رخوة أمام تمدد التنظيم“.

ويرى أن “البيئة الجغرافية في البادية السورية ومناطق دير الزور والبوكمال المتاخمة للحدود العراقية تمثل عاملاً مضاعفاً في خطورة المشهد، وتجعل العراق مهدداً بشكل مباشر؛ فالمسافة بين مضافات داعش في سوريا وأهدافه داخل العراق لا تتطلب سوى ساعات من الحركة عبر طرق إمداد يعرفها التنظيم جيداً منذ سنوات نشاطه السابقة“.

ويشدد إبراهيم على أن “تكرار استهداف قادة عراقيين في التنظيم بالعمق السوري يؤكد أن الخطر لا يقف عند حدود الوجود الجغرافي، بل يرتبط بصلات بنيوية بين جناحي التنظيم في سوريا والعراق“.

وفي ظل هذه المخاطر، يدعو إبراهيم إلى “رفع مستوى التنسيق الإقليمي، سواء مع قوات سوريا الديمقراطية (قسد) التي تسيطر على مناطق واسعة شرق الفرات، أو حتى مع السلطات الجديدة في دمشق بعد سقوط النظام، باعتبار أن ضبط الحدود والسيطرة على الفراغ الأمني لا يمكن أن يتحقق دون تعاون عبر الحدود“.

ويستدرك إبراهيم قائلاً إن “هذا التنسيق الإقليمي يتسم بإشكالية معقدة، إذ إن أي تنسيق مباشر مع دمشق الجديدة أو مع (قسد) قد يصطدم باعتبارات سياسية داخلية وإقليمية، لكن تجاهله سيعني فتح الباب أمام عودة التنظيم إلى ما يشبه مرحلة ما قبل عام 2014 حين استغل الفراغ السوري للانقضاض على نينوى والأنبار“.

وهذا ما يسلط الضوء عليه الخبير العسكري السوري، محمد عباس، مبيناً أن “ترابط الأمن في سوريا والعراق متلازم بشكل تلقائي سواء من طبيعة الترابط الجغرافي أو الترابط الديمغرافي والبنية السكانية المجتمعية السورية والعراقية“.

ويقدم عباس في حديثه لوكالة شفق نيوز رؤية عن أسباب نشاط داعش ترتبط باستمرار الوجود الأمريكي في المنطقة بالقول إن “داعش صنيعة أمريكية، وقد استُخدم كذريعة للعودة إلى العراق عام 2014 بعد انسحابها منه في 2011، وحالياً تلوح واشنطن بخطر عودة نشاط داعش تزامناً مع بدء عمليات انسحابهم من العراق، وبالتالي تريد من داعش أن يكون سبباً لها للبقاء في المنطقة”.

اترك تعليقًا

عرض
Drag