قراءة عراقية وعربية بعد قمة الدوحة الطارئة
تقارير
شفق نيوز- بغداد/ الدوحة/ القاهرة/ الرياض/ عُمان
يبرز في البيان الختامي للقمة العربية – الإسلامية الطارئة المنعقدة في قطر، تكرار لمفهوم التضامن والرد الجماعي على العدوان الإسرائيلي الذي استهدف قادة حماس في العاصمة الدوحة الأسبوع الماضي، على طول النص والقرارات البالغة 25 قراراً.
وجاء في البيان ما يعكس مبدأ الدفاع المشترك وواجب الرد الجماعي قول قادة دول وحكومات جامعة الدول العربية، ومنظمة التعاون الإسلامي: “نؤكد التزامنا الثابت بسيادة واستقلال وأمن جميع الدول الأعضاء في جامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي“.
وأضافوا “نذكّر بواجبنا الجماعي في الرد على هذا العدوان دفاعاً عن أمننا المشترك، ونؤكد رفضنا القاطع لأي مساس بأمن أي من دولنا، وندين بكل حزم أي اعتداء يستهدفها، مؤكدين تضامننا المطلق والراسخ في مواجهة كل ما من شأنه تهديد أمنها واستقرارها“.
وفي القرار التاسع يوجد تأكيد واضح على الأمن الجماعي والمصير المشترك، وهو أساس فكرة الدفاع المشترك والردع، بالقول: “التأكيد على مفهوم الأمن الجماعي والمصير المشترك للدول العربية الإسلامية وضرورة الاصطفاف ومواجهة التحديات والتهديدات المشتركة، وأهمية بدء وضع الآليات التنفيذية اللازمة لذلك“.
فيما عزز بيان قادة دول مجلس التعاون الخليجي في ختام اجتماعهم بالدوحة هذه المفاهيم بتحويلها إلى تحرك فعلي على الأرض حيث وجه قادة دول المجلس “بعقد اجتماع عاجل لمجلس الدفاع المشترك في الدوحة، يسبقه اجتماع للجنة العسكرية العليا، بهدف تقييم الوضع الدفاعي ومصادر التهديد في ضوء العدوان الإسرائيلي على قطر“.
ووفقاً للبيان، فقد تم توجيه القيادة العسكرية الموحدة لاتخاذ الإجراءات التنفيذية اللازمة لتفعيل آليات الدفاع المشترك وقدرات الردع الخليجية، مؤكداً أن أمن دول المجلس كل لا يتجزأ، وأن أي اعتداء على دولة عضو هو اعتداء على جميع الدول الأعضاء وفق النظام الأساسي واتفاقية الدفاع المشترك.
وتعقيباً على ذلك، تقول لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان العراقي، إن فكرة التحرك العربي كانت “متوقعة حتى قبل انعقاد قمة الدوحة”، مؤكدة أن “بغداد ستدفع باتجاه تفعيل اتفاقية الدفاع العربي المشترك وإيجاد أطر للتنسيق الأمني والاقتصادي مع الدول الإسلامية“.
ويرى عضو اللجنة مختار الموسوي خلال حديثه لوكالة شفق نيوز، أن ما جرى في الدوحة يعكس وعياً جديداً لدى العواصم العربية “بضرورة مواجهة المخاطر بشكل جماعي وعدم ترك الساحة للانقسامات التي تستفيد منها إسرائيل“.
ومن بغداد أيضاً يؤكد المحلل السياسي عائد الهلالي، أن “العراق شدد في القمة على استعداده للتنسيق مع الدول العربية والإسلامية كافة لتعزيز الأمن الجماعي وبناء موقف سياسي موحد يضع حداً لسياسات العدوان والتدخلات غير المشروعة“.
كما يرى الهلالي خلال حديثه لوكالة شفق نيوز، أن هذه القمة “تمثل لحظة فارقة” لإعادة الاعتبار للعمل العربي والإسلامي المشترك، وترسيخ قيم التضامن والتكامل في مواجهة التحديات الإقليمية والدولية.
ويرى مراقبون أن تفعيل فكرة القوة العربية المشتركة ليست بجديدة، كما يقول الباحث المصري في الشؤون السياسية والإستراتيجية منير الأديب، “إذ سبق أن طرحت من قبل وهناك تمويلاً ودعماً لتفعيل هذه الفكرة“.
ويرجح الأديب خلال حديثه لوكالة شفق نيوز، أن تساعد القوة المشتركة في حماية المنطقة العربية وتعزيز منظومة الأمن فيها، خصوصاً بعدما أثار التصعيد الإسرائيلي على قطر “قلق دول الخليج والدول العربية كافة“.
لكن رغم تأكيد المتحدثين السابقين على أهمية القوة العربية المشتركة، يرى اللواء السعودي السابق والباحث في الدراسات الأمنية والإستراتيجية عبد الله غانم القحطاني، في حديثه لوكالة شفق نيوز، أن التحرك العربي يجب أن يظل في “الإطار السياسي والقانوني” مع التركيز على حماية مستقبل المنطقة وأمنها.
ويتفق مع هذا المسار أيضاً الكاتب والباحث السياسي السعودي مبارك آل عاتي الذي يتوقع خلال حديثه لوكالة شفق نيوز أن تشهد المرحلة المقبلة تحركاً عربياً عبر لجان عمل “دبلوماسية وقانونية” في العواصم العالمية لملاحقة إسرائيل على انتهاكاتها.
أما المحلل الأردني كمال زغلول فرأى أن قمة الدوحة قفزت من مرحلة الإدانة إلى مرحلة الرفض، لكنه شدد على أن هذا المسار يحتاج إلى إجراءات عملية مثل خفض العلاقات مع إسرائيل أو إغلاق الأجواء أمام طيرانها أو فرض ضغوط عربية جماعية على الولايات المتحدة.
غير أنه أشار في حديثه لوكالة شفق نيوز إلى أن توحيد المواقف يظل صعباً بسبب “علاقات بعض الدول العربية الرسمية والتجارية مع تل أبيب“.
وكانت إسرائيل قد شنت، الثلاثاء الماضي، غارة جوية داخل الأراضي القطرية، استهدفت قياديين في حماس، ما أدى إلى مقتل خمسة أشخاص، بينهم نجل القيادي خليل الحية ومدير مكتبه وثلاثة مرافقين، فيما أكدت الحركة فشل محاولة الاغتيال.
وكانت دولة قطر قد اضطلعت بدور الوساطة بين إسرائيل وحماس خلال العامين الماضيين لوقف الحرب في غزة المستمرة منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، واستضافت جولات تفاوض غير مباشرة بين الطرفين، إلا أنها لم تفضِ سوى إلى هدنتين قصيرتين.
