Skip links

قراءة أميركية: السوداني شريك واشنطن “الخفي” لكبح نفوذ الحشد

تقارير

شفق نيوز- ترجمة خاصة

أكد معهد “المركز العربي في واشنطن”، أن رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، برز كشريك غير متوقع لواشنطن في جهوده لاضعاف نفوذ الحشد الشعبي، بعد أن وصفه بانه “يسيرعلى حبل مشدود” بين التأكيد على سيادة العراق وبين الحفاظ على علاقات ضرورية مع ايران والقوى الحليفة معها، وهو ما يضع البلاد أمام مفترق طرق، بين البقاء ساحة للتنافس بالوكالة، أم يتمتع بسيادة تامة

وأوضح المعهد، في تقرير نشره، وترجمته وكالة شفق نيوز، أن السوداني وعلى الرغم من الضغوط الهائلة، فأنه نجح في الحفاظ على حياد العراق في حرب حزيران/ يونيو 2025 بين إيران وإسرائيل، ومنع الفصائل الموالية لطهران، والعاملة ضمن قوات الحشد الشعبي، من الانضمام إلى المعركة.

وبحسب التقرير، فأن هذا التوازن يشكل بداية لإعادة تقييم بطيئة للسياسة الخارجية العراقية، في ظل سعي بغداد إلى تقليل اعتمادها على طهران، وتعزيز سلطتها على مؤسسات الدولة، وكبح النفوذ السياسي والمالي للحشد الشعبي.

وأضاف أن “التحدي أمام بغداد يكمن في رؤية الحشد يتراجع إلى خلف المشهد دون الاضطرار إلى مواجهته، بما قد يزعزع السلام والاستقرار الداخليين للعراق”.

واعتبر أن هذه الخطوات الحذرة للسوداني، وإن كانت ثابتة، تشير إلى فرصة محتملة أمام العراق لاستعادة سيادته وانتهاج مسار أكثر استقلالية، ولهذا فأنه في ظل الانتخابات المقبلة، فأنها اما ان تقود إلى ترسيخ النظام الحالي المهمين عليه من الفصائل المسلحة، أو تفتح المجال أمام القوى القومية والإصلاحية، كما ستحد من نجاح السوداني فيما إذا كان العراق سيتخطى أخيراً كونه ساحة صراع اقليمي، ويتحول إلى دولة قادرة على تقرير مستقبلها.

ويرى التقرير، أن “أحد العوامل التي من شأنها توسيع هامش المناورة أمام العراق، هو التوتر الداخلي الذي تعاني منه إيران بعد الهجمات الإسرائيلية، حيث أنه برغم صمود إيران وامتلاكها أجهزة أمنية قوية وقدرة على استيعاب الضغوط الاقتصادية، إلا أنها مقيدة بنقاط ضعف هيكلية بسبب العقوبات المتفاقمة، والركود الاقتصادي، والاضطرابات الاجتماعية المتكررة، وحالة عدم يقين فيما يتعلق بخلافة المرشد الأعلى علي خامنئي”.

واعتبر التقرير لهذه الأسباب، أن “هذه الضغوط جعلت إيران أكثر اعتماداً على بسط نفوذها في الخارج، خصوصاً في العراق، الذي يؤمن لطهران شريان حياة اقتصادي ورافعة نفوذ استراتيجية”.

وأشار التقرير إلى أن “القوى الفاعلة الإقليمية تعيد ضبط سياساتها”، موضحا أن “الانفراج الذي توسطت فيه الصين في مارس/آذار 2023، خفف من حدة العداء بين السعودية وإيران، إلا أنه لم يلغ تنافسهما على النفوذ”.

وأشار أيضاً، إلى أن “الرياض أرفقت تقاربها الحذر مع طهران بدفعة جديدة للتواصل المباشر مع بغداد، من خلال استثمارات عديدة في العراق وربطه بشبكة الكهرباء الخليجية، بينما تحركت الإمارات في البصرة لتمهيد الطريق للشركات الإماراتية للاستفادة من إنتاج واستهلاك العراق من النفط والغاز”.

وإلى جانب ذلك، أشار التقرير إلى تركيا، التي توسع حضورها خصوصاً في شمال العراق حيث تهيمن على عقود إعادة الإعمار في الموصل، ويستمر التعاون مع بغداد فيما يتعلق بمصير حزب العمال الكوردستاني، وحول مشروع طريق التنمية”.

وتابع التقرير، أنه “برغم أن ايران لا تزال تمارس نفوذاً هائلاً في بغداد من خلال الميليشيات وحلفائها السياسيين، إلا أن هذه التحركات تظهر أن العراق لم يعد ساحة غير متنازع عليها”.

وأضاف، أن “عواصم الخليج وأنقرة تستثمر في سبل ربط العراق بالشبكات الاقتصادية الإقليمية، ما يحقق التوازن بشكل ماهر مع هيمنة طهران”.

وتناول التقرير، نفوذ إيران في العراق، موضحاً أنه في حين أن طهران تطور ترسيخ نفسها عسكرياً وسياسياً واقتصادياً على مدى العقدين الماضيين، فأن قوات الحشد الشعبي، لا تزال حجر الزاوية في نفوذ طهران”.

نقطة تحول

وذكر التقرير، أن الانتخابات البرلمانية المقبلة في 11 تشرين الثاني/ نوفمبر المقبل، قد تمثل نقطة تحول مهمة في كبح جماح الفصائل المسلحة، على الرغم من أن احتمالية تحقيق تغيير حقيقي لا تزال غير مؤكدة.

وقال التقرير، إن التيار الصدري من جانبه، يحتفظ بقاعدة اجتماعية قوية على الرغم من انسحابه المفاجئ من مجلس النواب في العام 2022، وقد يبرز من جديد كقوة انتخابية هائلة.

كما أن الحركات التي خرجت من احتجاجات تشرين العام 2019، لا تزال تحتفظ بشرعية أخلاقية، على الرغم من ضعفها التنظيمي واستهدافها المستمر، وهي حركات يمكن أن تشكل حافزاً لإصلاح أوسع، بحسب ما جاء في التقرير.

ويرى التقرير، أنه بينما من غير المرجح أن تقف الفصائل المدعومة من إيران مكتوفة الأيدي، إلا أنه قال إن هذه الانتخابات تمثل فرصة للقوى القومية والإصلاحية، مثل الصدريين ومتظاهري تشرين، لتحدي هيمنة طهران.

وأشار إلى أن أي تحول في التوازن البرلماني، قد يبدأ في تقويض الهيمنة السياسية للفصائل المسلحة واستعادة درجة من السيادة للعراق.

مشهد من واشنطن

وقال التقرير، إن عقدين من عدم الاستقرار منذ الغزو الذي قادته الولايات المتحدة عام 2003، قد قلل من رغبة أميركا في التدخل المكثف في العراق، إلا أنه لا يزال يحتفظ بأهميته الاستراتيجية لواشنطن.

واعتبر أن “السوداني برز بشكل غير متوقع كشريك يدعم جهود واشنطن، حيث أنه برغم المخاوف من التصعيد، فقد تمكن من الحفاظ على حياد العراق بعد هجوم حماس في 7 تشرين الاول/ اكتوبر 2023، ومنع الفصائل من دعم نظام الأسد المحاصر في سوريا قبل سقوطه في كانون الاول/ ديسمبر 2024، كما أنه خلال المواجهة بين إسرائيل وإيران في حزيران/ يونيو 2025، فأن المسؤولين الإيرانيين راقبوا السوداني عن كثب وهو يتصدى لمحاولات الفصائل بإطلاق صواريخ على إسرائيل من الأراضي العراقية”.

كما حظر السوداني، وفق التقرير، استخدام الأراضي والمجال الجوي العراقيين في هجمات على الدول المجاورة، بعد الغارات الإسرائيلية والأمريكية على إيران في حزيران الماضي.

وأضاف التقرير، أن “السوداني سعى أيضاً للحد من الشبكات المالية للفصائل المسلحة، كما أن بغداد قدمت تشريعاً ثم أجلته لتنظيم وضع الحشد الشعبي، ما أبطأ زخم الفصائل، كما تم إدخال أنظمة مراقبة إلكترونية تم شراؤها بمساعدة فنية أميركية ودولية في المراكز الجمركية للحد من اختلاس هذه الفصائل”.

وبحسب التقرير، فأن هذه الخطوات التي تستهدف الأسس الاقتصادية للحشد الشعبي قد تكون متواضعة، مقارنة بحجم استيلاء الفصائل على الدولة، إلا أن حكومة السوداني يبدو أنها تدرك أن السيادة تتطلب تفكيك القوة المالية التي تدعم سلطة الفصائل الموازية، وليس فقط التدابير الأمنية.

وتابع التقرير قائلاً، إنه بالنسبة لواشنطن، فأن تصرفات السوداني تشير إلى استعداده لتقليص الامبراطورية الاقتصادية للحشد الشعبي لكن دون إثارة النفود ضده داخل ائتلافه السياسي الحاكم.

وأوضح التقرير، أن الدبلوماسيين الأميركيين في بغداد استجابوا بشكل إيجابي لجهود السوداني، بما في ذلك من خلال تسريع صفقات الطاقة التي تستهدف الحد من اعتماد العراق على إيران، حيث أنه على سبيل المثال، سهلت واشنطن في آب/اغسطس 2025، اتفاقية للعراق لمضاعفة وارداته من الكهرباء من الأردن، كما تتجه المناقشات مع دول مجلس التعاون الخليجي نحو هدف العام 2026 للربط الكهربائي الكامل.

ويرى التقرير، أن “التحدي الآن يتمثل في كيفية ضمان استدامة هذا التعاون من دون ترجيح كفة السوداني الذي يعتمد على الإطار التنسيقي للبقاء في منصبه”، موضحاً أن وجود تصور بوجود تقارب مفرط مع واشنطن قد يثير ردود فعل عكسية.

وتابع موضحاً، أن “سياسة الولايات المتحدة في دعم استراتيجية السوداني للسيادة ظهرت بشكل ملموس وبهدوء، من خلال المساعدة الفنية، والتدريب الأمني لوحدات مثل جهاز مكافحة الإرهاب، والتنسيق مع المستثمرين الخليجيين، بدلاً من الإدلاء بتصريحات بارزة قد تعرقل مكانته السياسية”.

مفترق طرق

وختم التقرير بالقول إنه “من غير الممكن فصل السياسة العراقية عن التطورات والديناميكيات الإقليمية”، موضحاً أنه في حين تعتبر إيران بأن هناك أهمية استراتيجية للعراق، إلا أن تغير موازين القوى في المنطقة قد عزز من احتمالية حماية الدولة العراقية لنفسها من التاثيرات الخارجية المزعزعة، وإعادة تأكيد سلطتها”.

وأضاف، أن “العراق يقف اليوم عند منعطف قد يتيح فيه خليط من التحالفات الإقليمية، والضغوط الداخلية الإيرانية، والانتخابات المقبلة، ما فتح المجال أمام الإصلاح، أو يؤدي إلى مزيد من سيطرة الفصائل”، لافتاً إلى أنه “رغم أن نفوذ طهران راسخ فعلياً، إلا أنه ليس منيعاً، حيث من الممكن لشبكات إيران أن تتآكل في حال تضافرت جهود القوى الوطنية والمجتمع المدني والشركاء الخارجيين”.

وخلص معهد “المركز العربي في واشنطن” في تقريره، إلى القول إن مسار العراق يتمتع بأهمية كبيرة بالنسبة لواشنطن وشركائها الخليجيين، حيث أن استقراره يساهم في تشكيل أسواق الطاقة العالمية، والأمن الإقليمي، وتوازن القوى مع إيران”.

وتابع، أن أي قوة إقليمية لا ترى في العراق حالياً تهديداً، وهو ما يمثل قطيعة جوهرية مع الماضي.

وأضاف، ان “الفصل المقبل من تاريخ العراق سيحدد ما إذا كان سيبقى ساحة للتنافس بالوكالة، أم سيبرز كدولة تتمتع بالسيادة، كما أن أصداء نتائج الصراع على العراق ستتردد في كل أنحاء الشرق الأوسط”.

اترك تعليقًا

عرض
Drag