عيد الحانوكاه.. حين تشوه نار الصهاينة وجه الأقصى وتحرق غزة وتخنق الضفة
لم يكن عيد الأنوار العبري (الحانوكاه) مجرد فرصة للصهاينة المتطرفين لتدنيس الأقصى وتشويه وجهه؛ بل عبروا فيه عن نيران حقدهم وكراهيتهم التي أحرقوا بها قطاع غزة وخنقوا بها الضفة الغربية، في مسعى واضح ومكشوف للعالم أجمع بالسعي المحموم نحو إفراغ الأرض من سكانها والاستيلاء عليها وصولاً إلى دولتهم اليهودية النقية المزعومة عبر طقوسٍ تلموديةٍ مزعومةٍ ورقصٍ وإشعال حرائق يصمت العالم المنافق على دخانها الأسود.
مساعٍ محمومة لتغيير هوية المكان
وفي هذا السياق قال الباحث المختص بشؤون القدس زياد ابحيص اليوم الأول من ما يُسمى «عيد الأنوار العبري (الحانوكاه)» شكّل تصعيدًا جديدًا في مسار العدوان المنظم على المسجد الأقصى المبارك، في إطار محاولات متواصلة لفرض وقائع تهويدية تمس هوية المكان ووضعه القانوني والتاريخي.
وأوضح ابحيص أن «عيد الأنوار العبري» بدأ بعد غروب شمس يوم الأحد 14 كانون الأول/ديسمبر 2025، ويستمر لمدة ثمانية أيام، مشيرًا إلى أن هذا العيد أُضيف إلى اليهودية في مرحلة متأخرة، ويحتفي، بحسب الروايات اليهودية، بالتمرد الأول لليهود عام 164 قبل الميلاد ضد الحكم السلوقي الذي كان يسيطر على فلسطين آنذاك.
وبيّن أن تلك المرحلة شهدت قيام شكل من أشكال الحكم الذاتي اليهودي تحت الدولتين السلوقية ثم الرومانية، قبل أن يُنهي الإمبراطور الروماني هادريان هذه السلطة المحلية المؤقتة خلال حملته العسكرية عام 135 للميلاد.
وأشار إلى أن منظمات الهيكل تعمل منذ سنوات على إدخال هذا العيد ضمن رزنامة اعتداءاتها على المسجد الأقصى، في محاولة لتقليص الفجوة الزمنية بين الأعياد اليهودية الكبرى التي تمتد عادة نحو ستة أشهر بين تشرين الثاني/نوفمبر ونيسان/أبريل من العام الذي يليه.
وأضاف أن هذه المنظمات تسعى إلى تكريس «الحانوكاه» باعتباره مناسبة للمطالبة بفرض ما تسميه «السيادة الصهيونية الكاملة» على المسجد الأقصى المبارك، إلى جانب الدفع باتجاه إقصاء دائرة الأوقاف الإسلامية الأردنية عن الإشراف عليه.
وبيّن ابحيص أن اليوم الأول من هذا العدوان شهد سلسلة من الطقوس الاستفزازية، أبرزها إشعال الشمعة الأولى من شمعدان الأنوار أمام باب القطانين من الجهة الخارجية، في طقس بات يتكرر منذ عام 2021.
كما جرى نصب شمعدان أعلى الجسر المؤدي إلى باب المغاربة، حيث أقدم طلاب من «مدرسة جبل الهيكل الدينية» على إشعال الشمعة الأولى نهارًا، في توقيت مخالف للموعد الديني المعتاد، وذلك أمام باب المغاربة من الخارج، في دلالة واضحة على تطلعهم إلى نقل هذه الطقوس إلى داخل المسجد الأقصى، حتى خارج سياقها الزمني التقليدي وأضاف أن المقتحمين الصهاينة تعمدوا ترك مجسم رمزي لشمعدان صغير داخل المسجد الأقصى، مكوّن من شمعتين من أصل تسع، في رسالة رمزية تعبّر عن المسعى ذاته الرامي إلى إدخال طقوس إنارة الشمعدان إلى داخل المسجدواعتبر ابحيص أن هذه الخطوة تندرج ضمن سياسة تدريجية تهدف إلى فرض كامل الطقوس اليهودية داخل الأقصى، في سياق ما وصفه بمحاولة التأسيس المعنوي للهيكل المزعوم، تمهيدًا للتأسيس المادي له وأشار الباحث إلى أن عدد المقتحمين في اليوم الأول بلغ 220 مستوطنًا، تصدرهم الحاخام إليشع وولفسون، حاخام «مدرسة جبل الهيكل الدينية» التي تزعم اتخاذ المسجد الأقصى المبارك مقرًا لها. وأوضح أن هؤلاء أدوا طقوسهم العلنية الجماعية، ونظموا حلقات غناء في الساحة الشرقية من المسجد، في مسعى واضح لتكريس هذه الساحة باعتبارها كنيسًا غير معلن داخل الأقصى.
وحذر ابحيص من أن هذا العدوان سيتواصل حتى يوم الاثنين 22 كانون الأول/ديسمبر 2025، متوقعًا تصاعد حدته كلما اقترب العيد من نهايته.
وأكد أن الاعتداءات لا تقتصر على المسجد الأقصى، بل تمتد كذلك إلى المسجد الإبراهيمي في مدينة الخليل، حيث تسعى حكومة الاحتلال والمستوطنون إلى تكريسه كموقع مركزي لاحتفالات «عيد الأنوار العبري» سنويًا، في إطار سياسة تهويد شاملة تستهدف المقدسات الإسلامية.
«حانوكاه النار» تكشف العقلية الصهيونية الإجرامية

جنود الاحتلال يشعلون مشاعل “الحانوكا” فوق أنقاض المستشفى الإندونيسي شمال قطاع غزة
وقال المدير العام لوزارة الصحة في قطاع غزة، الدكتور منير البرش، إن مشاهد احتفال جنود الاحتلال الإسرائيلي بما يسمى «عيد الأنوار العبري (الحانوكاه)» داخل المستشفى الإندونيسي شمال قطاع غزة تكشف عن عقلية إجرامية تحتفي بالحرق والدمار وتقدّم الجريمة على أنها «نور» وأوضح البرش تعليقًا على مقطع مصور، أن جنودًا من الكتيبة 22 في جيش الاحتلال أقدموا على إشعال النيران في الطابق العلوي من المستشفى الإندونيسي، قبل أن يظهروا مبتسمين ويتحدثون عن «انتصار النور على الظلام»، في مشهد وصفه بأنه احتفال على أنقاض منشأة طبية أُنشئت لإنقاذ الأرواح لا لإحراقها وتساءل البرش عن أي نور يمكن أن يولد من رماد المستشفيات، وعن أي ظلام أعمق من عقل يحتفل بحرق مكان خُصص لعلاج المرضى وإنقاذ الجرحى، مؤكدًا أن ما جرى لا يمكن تصنيفه طقسًا دينيًا، بل يمثل طقس كراهية ومهرجان احتراق وأشار إلى أن إحراق المستشفى، الذي يُعد رمزًا للرحمة والشفاء، ثم تقديم ذلك للعالم على أنه «نور»، يعكس تشويهًا متعمدًا للقيم الإنسانية، ويكشف عن ذهنية سادية ترى في المستشفيات أهدافًا مشروعة، وفي النار وسيلة للاحتفال، وفي الألم مادة للبهجة وأضاف البرش أن هذا المشهد لا يفضح واقعة عابرة أو تصرفًا فرديًا، بل يكشف عقلية نازية متجذرة تتعامل مع البنية الصحية باعتبارها هدفًا عسكريًا، وتحوّل الجرائم إلى طقوس احتفالية وشدد على أن الحقيقة أكثر بساطة وقسوة مما يروّج له الاحتلال، فالنار لا تنير بل تدمر، والنور الحقيقي لا يخرج من فوهة بندقية، ولا من لهب يلتهم أسرّة المرضى وغرف العلاج وختم البرش بالتأكيد على أن التاريخ لن يخلط بين الرماد والضياء، ولا بين الطقس والجريمة، وأن العالم سيعرف أن من أحرق المستشفيات واحتفل فوق أنقاضها لم يكن يومًا حاملًا للنور، بل صانعًا للظلام.
تذكيرٌ بعنوان الصراع
بدوره قال الكاتب والمحلل السياسي ياسر الزعاترة إنّ استباحة المستوطنين للأقصى في عيدهم؛ “تذكير بعنوان الصراع”.
وأضاف بالقول: بمناسبة ما يُسمّونه “عيد الأنوار” أو “الحانوكاه” دنّس عشرات منهم المسجد الأقصى وتابع: باسمه كانت انتفاضة كُبرى، وباسمه كان “الطوفان”، وهو رمز استحالة الحلول.
وشدد الزعاترة على أنّ “باعة الأوهام” يدركون ذلك، لكن حياة الذلّ أحبّ إليهم من مقارعة الخطوب ولم يقتصر الاحتفاء للصهاينة فقط بتدنيس المسجد الأقصى، ولكنّ جنود الاحتلال دنسوا باحتفالاتهم الضفة الغربية وقطاع غزة عبر إشعال النيران والشموع والرقصات وقال معين الكحلوت لا شيء يدعو للاستغراب في هذه الصورة سوى ادّعاء الاستغراب منها.
وأورد صورة لجنود الاحتلال وهم يحتفون بعيد الحانوكاة العبري بإضاءة الشموع داخل مخيم طولكرم.
