Skip links

صوت الوطن يعلو ولا يُعلى عليه

مقالات

مشتاق الربيعي

منذ أن ولى زمن النظام البائد إلى غير رجعة، دخل العراق بعد عام 2003 مرحلة جديدة اتسمت بانقسامات سياسية حادة. فقد تعددت الكتل والأحزاب، وتعمّق الخطاب الفئوي على حساب الخطاب الوطني الجامع.

الكثير من السياسيين والمتصدّين للمشهد العام في البلاد، وللأسف، تبنّوا خطاب الكراهية والتحريض، وهو خطاب مرفوض من قبل جميع العقلاء والغيورين على وحدة العراق.

إنّ أخطر ما في هذا النهج هو أن بعض المسؤولين باتوا يتحدثون باسم المكوّن الذي ينتمون إليه، متناسين أن مسؤوليتهم الوطنية تفرض عليهم الدفاع عن حقوق جميع المواطنين، لا عن فئة دون أخرى.

ومن يتحدث وفق ما ذُكر سلفًا، إنما يعكس إفلاسًا سياسيًا كبيرًا، وعجزًا عن تقديم مشروع وطني حقيقي يعبّر عن تطلعات الشعب بأكمله.

ورغم وجود قوى سياسية مدنية تحمل مشروعًا وطنيًا جامعًا وتسعى للمطالبة بحقوق كل العراقيين بلا تمييز، إلا أنّها ما تزال مهمشة ومقصاة عن مواقع التأثير، في وقتٍ يتطلب فيه الوطن صوتًا وطنيًا خالصًا يوحّد ولا يفرّق.

لذلك نهيب بالمجلس النيابي الموقر، في دورته القادمة بمشيئة الله، أن يعمل وبصورة جادة على تشريع قانون لتجريم الطائفية، لما لذلك من أثر في تعزيز السلم المجتمعي وترسيخ مبدأ المواطنة الحقة، وبناء دولة تسودها العدالة والمساواة.

فإن دولة المواطنة والعدالة والمساواة هي الخلاص الحقيقي لما ذُكر سلفًا، إذ لا يمكن للعراق أن ينهض إلا عندما يُلغى من قاموسه التمييز والطائفية، فـ الإرهاب والطائفية وجهان لعملة واحدة، كلاهما يهدد استقرار الوطن ومستقبله.

ومسك الختام، نأمل أن تأخذ القوى السياسية المدنية دورًا أكبر في المرحلة القادمة، لأنّ قوى الإسلام السياسي أثبتت فشلها الذريع في إدارة شؤون البلاد والعباد، وعجزت عن مواجهة التحديات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي يمر بها العراق.

وفضلاً عن كل ذلك، فإنّ قيادات تلك القوى اعترفت عبر وسائل الإعلام المختلفة بفشلها، الأمر الذي يستوجب مراجعة شاملة للمسار السياسي، والبحث عن مشروع وطني صادق يُعيد للعراق مكانته ووحدته وهيبته.

وقد آن الأوان لتصحيح مسار العملية السياسية، ولا يتحقق ذلك بالشعارات وحدها، بل من خلال برنامج سياسي وطني متكامل يعالج الإخفاقات السابقة، ويؤسس لمرحلة جديدة قوامها العدالة والمواطنة والشفافية في إدارة الدولة.

وهذا الأمر لا يقع على عاتق القوى السياسية وحدها، بل على المواطنين أيضًا، من خلال المشاركة الواعية في الانتخابات، وانتخاب من هو الأجدر بتمثيلنا، بعيدًا عن المال السياسي والمحسوبيات الحزبية والعشائرية.

فـ صوت المواطن هو ثورةٌ بحد ذاته، وصوت الوطن يعلو ولا يُعلى عليه

اترك تعليقًا

عرض
Drag