سياسيون يُعرّون الدعاية الانتخابية: مجرد “شعارات” تتجاهل أزمات البلد
تقارير
مع اقتراب موعد الانتخابات البرلمانية في العراق، المقررة في 11 تشرين الثاني/نوفمبر 2025، تتجه الأنظار إلى البرامج الانتخابية التي يفترض أن تقدم حلولاً واقعية لأبرز الإشكالات الاقتصادية التي تواجه البلاد.
وعلى رأس هذه التحديات تأتي أزمة المياه والخدمات بصورة عامة، والاعتماد شبه الكلي على الإيرادات النفطية، فضلاً عن تضخم أعداد الموظفين في القطاع العام، الذي يشكّل عبئاً متزايداً على الموازنة.
ورغم أهمية هذه الملفات، يشير سياسيون ومراقبون إلى أن معظم المرشحين والقوى السياسية غيّبوا طرح البرامج الاقتصادية الجادة والعملية، واكتفوا بشعارات عامة تخاطب العواطف دون أن تمس جوهر المشكلات أو تقترح حلولاً قابلة للتنفيذ.
وفي هذا السياق يصف النائب المستقل في البرلمان العراقي، باسم خشان، الدعاية الانتخابية بأنها “غير موضوعية”، فيما تعتمد أغلب الحملات على “صور وشعارات فقط”، دون أن يتضمن معظمها “أي مشروع انتخابي حقيقي“.
ويقول خشان لوكالة شفق نيوز: “لا يوجد مرشح يناقش مشروعه الانتخابي بشكل موضوعي، باستثناء بعض الكتل القليلة التي قدمت رؤى واضحة، أما البقية، فهم يخوضون سباقاً لحصد الأصوات فقط، دون تقديم حلول فعلية للمشاكل التي تعاني منها البلاد، خصوصاً في المجال الاقتصادي“.
وينتشر عدد كبير جداً من الصور واللافتات وملصقات المرشحين على جانبي الشارع وحدائقه وجزرته الوسطية، وهو ما يثير استياء المارّة في الشارع والذين يقصدونه بعد أن أصبح وجهة لكل أفراد العائلة، حيث يطغى التلوّث البصري على تفاصيله الأخرى.
ومنذ انطلاق الحملات الانتخابية في يوم الجمعة الموافق 3 تشرين الأول الجاري في سباق الانتخابات التشريعية، شهدت العاصمة بغداد خروقاً جمة تتعلق بالشوارع والطرق والجسور، حيث تخالف توصيات أمانة بغداد التي وضعت جملة ضوابط معينة لدعايات المرشحين.
المواطن “لا يقرأ“

من جانبه، يؤكد فهد الجبوري، القيادي في تيار الحكمة الوطني بزعامة عمار الحكيم، أن أغلب البرامج السياسية “تفتقر إلى ما يحتاجه المواطن من ملفات كالصحة والكهرباء والزراعة والصناعة والتعليم“.
ويوضح الجبوري لوكالة شفق نيوز، أن معظم القوى السياسية “تكرر الشعارات نفسها في كل دورة انتخابية”، دون تطوير حقيقي في البرامج أو تغيير في الأولويات.
ويضيف: “حتى المواطن لا يقرأ تلك البرامج بجدية، وإن كانت هناك نخبة تفعل ذلك، فإن الأغلبية لا تتمعن في السيرة الذاتية أو التنفيذية للمرشحين، وهذا خلل مشترك بين الشعب والجهات السياسية“.
ويشير إلى أن المرشحين “يتحدثون عن مكافحة الفساد وتوفير الخدمات أثناء حملاتهم، لكنهم يفتقرون إلى خطط عملية قابلة للتطبيق على أرض الواقع”، واصفاً ذلك بأنه “استخدام انتخابي للخطاب العام دون جدوى حقيقية“.
بدوره، يرى المحلل السياسي حسين الكناني أن الملف الاقتصادي هو “الأكثر إلحاحاً في المرحلة الراهنة”، خاصة أن العراق ما زال يعتمد بشكل كامل على النفط، مع غياب التنوع الاقتصادي، وضعف في استقطاب الاستثمارات الخارجية.
ويتابع الكناني حديثه لوكالة شفق نيوز أن “الكثير من المرشحين لا يمتلكون الإمكانيات أو المعرفة الكافية لرسم رؤية اقتصادية واضحة، ويعتمدون على القضايا اليومية التي تهم الشارع من أجل كسب التأييد فقط، دون التطرق لحلول استراتيجية طويلة الأمد“.
ويشدد على أن هذا “العجز في الطروحات الانتخابية”، يعكس نقصاً في الكفاءة السياسية، وافتقاراً للجدية في التعامل مع التحديات الاقتصادية التي تهدد مستقبل البلاد.
برامج تصنع الحل
أما عزام الحمداني، القيادي في تحالف العزم برئاسة مثنى السامرائي، فقد أشار إلى أن العراق “مرّ بتحديات سياسية وأمنية واقتصادية متعددة”، أثّرت على عملية بناء الدولة.
ويبيّن الحمداني لوكالة شفق نيوز، أن الحكومات المتعاقبة “بذلت جهوداً لتحسين الوضع العام”، لكنه أكد أن المرحلة المقبلة تتطلب “رؤى إصلاحية واقعية” من القوى السياسية.
وخلص إلى أن “الحل والقرار يبقيان بيد البرامج التي تقدمها القوى السياسية الفائزة، ويجب أن تكون هذه البرامج منطلقة من رؤية وطنية شاملة تؤسس لمرحلة جديدة من الرفاهية الاقتصادية والأمنية والخدمية والسياسية”.
