رب ضارة نافعة …. وتأتيك الاخبار من حيث لاتدري !!!!
تقارير
رب ضارة نافعة …. وتأتيك الاخبار من حيث لاتدري !!!!
40 قبراً وقصص منسية.. الجفاف يظهر مواقع وآثار في بحيرة سد الموصل
شفق نيوز- دهوك
على ضفاف بحيرة سد الموصل في محافظة نينوى شمال العراق، حيث كانت المياه تبتلع القرى القديمة وتُخفي أسرارها تحت السطح لعقود طويلة، بدأت الأرض تكشف خباياها بصمت.
الانخفاض غير المسبوق في منسوب المياه بعموم العراق، حوّل قاع البحيرة في سد الموصل إلى مسرح تاريخي مفتوح، حيث ظهرت فيه شواهد مقابر وجدران مدينة دفنتها المياه منذ آلاف السنين.
وبين الطين المتشقق وبقايا الفخار، وقف علماء الآثار من محافظة دهوك، مذهولين أمام المشهد، عقب ظهور موقع أثري كان شاهداً على حضارات اختفت منذ سنوات طوال.
ويعيش العراق منذ أعوام أزمة جفاف متصاعدة تُعد من أخطر الأزمات البيئية في تاريخه المعاصر، إذ تفاقمت بفعل التغيرات المناخية وتراجع معدلات الأمطار، إلى جانب الانخفاض الحاد في كميات المياه الواردة من دول المنبع، ولاسيما تركيا وإيران.
مدينة تحت الماء
ويقول مدير دائرة آثار دهوك، بيكس بريفكاني، إن “الموقع الأثري يقع في منطقة قرية خانكي القديمة جنوب محافظة دهوك، ويضم مدينة أثرية ومقبرة كبيرة”، مبيناً أن “أهمية هذا الاكتشاف تعود إلى قيمته التاريخية، لكونه يكشف عن حقبة بارزة في تاريخ المنطقة“.
“فرق التنقيب عثرت حتى الآن على 40 قبراً متشابهة في الاتجاه والمسار، صُنعت من الفخار المحروق بشكل بيضوي، ويعود تاريخها إلى العصر الهلنستي قبل نحو 2300 عام”، وفقاً لحديث بريفكاني، لوكالة شفق نيوز.
المقبرة قُسّمت إلى قسمين، بحسب التصريح، السفلي لدفن الأطفال، والعلوي لدفن البالغين، كما أسفرت أعمال التنقيب عن العثور على مدينة أثرية مأهولة، حيث تم الكشف عن قطع فخارية ولقى أثرية متنوّعة، أشارت الدراسات الأولية إلى أنها تعود إلى حقبة نينوى الخامسة قبل أكثر من خمسة آلاف عام.
ويختم بريفكاني، حديثه بالقول إن “أعمال التنقيب ما تزال مستمرة، وأن جميع المكتشفات الأثرية ستُنقل لاحقاً إلى متحف دهوك من أجل صيانتها ودراستها بشكل علمي دقيق“.

ووفقاً لمعلومات الوكالة، فإن هذه القبور شيدت من التراب المقلي، حيث تواصل فرق التنقيب أعمال البحث في الموقع لاكتشاف مواد أثرية أخرى.
المياه أتلفت بعض الآثار
إلى ذلك، يوضح الأثري ناظم زيباري، أحد أعضاء فريق التنقيب، أن “بعض القبور تعرضت للتلف نتيجة غمرها بالمياه لسنوات طويلة، غير أن عدداً كبيراً منها ما يزال محافظاً على شكله الأصلي“.
وفي حديث لوكالة شفق نيوز، يضيف أن الفرق عثرت داخل القبور على حُلي و مواد استخدمت في الحياة اليومية خلال تلك الحقبة، مشيراً إلى أن فريق التنقيب يضم كوادر محلية بالكامل من دائرة آثار دهوك، يتمتعون بخبرة طويلة في هذا المجال.

ويتعرض العراق لآثار خطيرة جراء التغير المناخي، منذ سنوات على غرار بعض دول العالم، والتي تتمثل في موجات حر وجفاف وشح في المياه ما ينعكس سلباً على الزراعة والصحة العامة.
في حين، تفاقم الأزمة عوامل طبيعية كقلة الأمطار، وأخرى بشرية مثل تراجع إيرادات دجلة والفرات نتيجة السياسات الإقليمية، فضلاً عن بناء السدود من قبل تركيا.
كما تُعد الأهوار في جنوب العراق الأكثر تضرراً جراء أزمة التغير المناخي، فيما تحذر تقارير أممية من احتمال جفاف الأنهار في البلاد بحلول العام 2040.
الجفاف ينهش مياه العراق
أما مختار قرية خانكي، حمزة عيدو، فيؤكد للوكالة أن “العام الحالي شهد انخفاضاً غير مسبوق في منسوب مياه بحيرة سد الموصل، وهو مستوى لم يُسجّل منذ إنشاء السد، الأمر الذي أدى إلى ظهور عدة مواقع كانت مغمورة، من بينها أطلال قرية خانكي القديمة، فضلاً عن مجموعة من المقابر والمزارات الدينية التي يعود تاريخ بعضها إلى أكثر من 200 عام“.
ويحتاج العراق، من المياه، بحسب تقديرات رسمية، إلى نحو 800 متر مكعب في الثانية، في حين لا تتجاوز الإطلاقات التركية 350 متراً مكعباً، وقد تنخفض أحياناً إلى 300، الأمر الذي يهدد عمل محطات معالجة المياه، وسط تحذيرات من انعكاسات اجتماعية خطيرة إذا استمرت الشحة، ولاسيما في مناطق الوسط والجنوب.
وكانت الحكومة العراقية قد أعلنت أواخر شهر تموز/ يوليو الماضي، موافقة كل من تركيا وسوريا على زيادة الإطلاقات المائية، بعد جهود دبلوماسية مكثفة، حيث ضخت أنقرة 420 متراً مكعباً عبر نهر دجلة، إضافة إلى 320 متراً مكعباً باتجاه سد الموصل، في محاولة لتخفيف حدة الأزمة المائية التي يواجهها البلد.
