جهات إسرائيلية تعترف بفشل ترحيل الغزيين
تقارير
اعترفت جهات إسرائيلية رسمية بأن المخططات التي وضعتها الحكومة لترحيل جماعي لأهل غزة إلى الجنوب، ومن ثم إلى الخارج، قد فشلت. وحتى عندما وجدت إسرائيل فلسطينيين مستعدين للهجرة لم تعثر على دولة واحدة تقبل استيعابهم لديها بوصفهم مقيمين أو لاجئين. ولذلك باتت تنشد المساهمة الأميركية. وستكون هذه أحد أبرز الموضوعات التي سيبحثها وزير الخارجية الأميركي، ماركو روبيو، في إسرائيل يوم الأحد المقبل.
وحسب «القناة 12» الإسرائيلية، قال مسؤول حكومي في تل أبيب إن حكومته نفسها باتت متشككة حيال احتمالات نجاح مخطط طرد سكان قطاع غزة. وحتى وزير المالية، بتسلئيل سموتريتش، الذي يُعدّ من أبرز المؤيدين لمخطط «الترانسفير»، أصبح يتحفظ منه، خصوصاً عندما حاول بعض المقربين من رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، الترويج لترحيل مؤقت لمدة سنة. ونقلت القناة عنه القول، خلال آخر المداولات بهذا الشأن، إنه «لا جدوى من استثمار أموال أكثر مما ينبغي. إذا كان الغزيون سيعودون بعد سنة. وإذا كان هذا لن يؤدي إلى تغيير كبير في القطاع، فلا حاجة إليه». لكن نتنياهو رفض رفع يديه مستسلماً، وقال لسموتريتش: «دعنا نرَ ماذا يقول روبيو». وأضاف: “لن نستثمر مبالغ كبيرة، ومع الأميركيين سوف نتقدم مع الدول المعنية في استقبالهم”.

فلسطينيون يعاينون مبنى دمرته غارة إسرائيلية بمدينة غزة الجمعة (رويترز)
وقال وزير الأمن القومي، إيتمار بن غفير، إن “موضوع الترحيل هذا هو الأمر الأكثر أهمية الذي يجب أن تتعامل معه الحكومة الآن، وينبغي تنفيذ ذلك بأسرع ما يمكن، وتحريكه الآن وعدم الاستسلام للضغوط الدولية التي ترمي إلى إجهاضه”
وقد لمّحت صحيفة «يسرائيل هيوم» اليمينية، الجمعة، إلى أن التصعيد الإسرائيلي الذي يفجر المفاوضات حول الصفقة، بما في ذلك محاولة اغتيال قادة «حماس» في الدوحة، هو جزء من مخطط الترحيل. ففي غزة لا يرحلون عندما يكون هناك أمل في الوصول إلى صفقة. ولكن، عندما يفقدون الأمل، وتستمر الحرب، يفكرون بالرحيل بشكل جدي. وقد كتبت شيريت أفيتان كوهن في الصحيفة: «مصادر في القدس تقول إن الصفقة شُطبت من جدول الأعمال، وإن الجداول الزمنية التي وضعها الأميركيون لإنهاء الحرب حتى نهاية السنة الميلادية ستتضمّن أساساً استكمال خطوات احتلال مدينة غزة. محاولة الاغتيال لمسؤولي (حماس) في قطر التي كانت في قلب الجدال بين قادة جهاز الأمن، أدت إلى تسريع خطوة استمرار الحرب. والآن سيحاولون هنا الرفع إلى الحد الأقصى بإنجازات إسرائيل في الحرب خلال الشهرَيْن المتبقيين حتى نهاية السنة، وربما قبل ذلك؛ وفقاً للصبر الأميركي الذي من شأنه أن يحدد مهلة في أعقاب العملية غير المنسقة في الدوحة”.

فلسطينيون ينزحون بما تيسر لهم من وسائل نقل من شمال مدينة غزة الجمعة (د.ب.أ)
واعترفت الجهات الإسرائيلية الرسمية بأن مصر تُعدّ العقبة أمام الترحيل، إذ إنها تعدّه مساساً بأمنها وتهدد بمنعه بالقوة. وقد تساءلت وزيرة الابتكار والعلوم والتكنولوجيا، غيلا غمليئيل، خلال جلسة الحكومة بهذا الشأن: «علينا إقناع المصريين بأن الغزيين سيمرون من هناك على الأقل. ومصر موقعة على معاهدة دولية للاجئين» فأجابها نتنياهو: «لماذا إذن أنت لا تستوعبين. المصريون لا يمكن إقناعهم بذلك».
وكان نتنياهو قد عقد سلسلة مداولات في موضوع التهجير من غزة في الأسابيع الأخيرة، واستمع إلى تقارير ميدانية تشير إلى أن الفكرة تصطدم بعقبات كبيرة، وأنه على الرغم من كل الممارسات الإسرائيلية بهذا الشأن (القصف المتواصل وتدمير الأبراج والعمارات العالية وقطع المساعدات الغذائية والماء)، لم يغادر غزة المدينة إلى الجنوب سوى 200 ألف رجل وامرأة من مجموع 1.2 مليون. وحسب تقديرات جهاز الأمن فإن تصعيد الأعمال الحربية قد يؤدي إلى ترحيل مئات الآلاف، ولكن سيبقى رغم ذلك ما لا يقل عن نحو 200 ألف مواطن غزي. ولذلك فعلى إسرائيل الاستعداد لمواصلة إدخال المساعدات إلى غزة في ظل الحرب.
وذكرت مصادر أمنية أن كل ما يجري على الأرض في غزة لا يأخذ بالاعتبار مصير المحتجزين الإسرائيليين. وحسب مصدر أمني كبير، تكلم مع «هآرتس»، فإن «نتنياهو يعيش بارتياح مع معاناة هؤلاء المحتجزين. وهم يلجأون اليوم إلى الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، بشعور يائس، لأنه هو أيضاً يخيّب أملهم».
