Skip links

تقرير تركي يرصد تحولاً إيرانياً لتغليب الدبلوماسية وتقليص “القوة الصلبة”

تقارير

شفق نيوز- ترجمة خاصة

تجري إيران تعديلات جوهرية على سياستها الإقليمية وعلى محاور عدة، حيث تبدو الانتخابات العراقية المقبلة بمثابة اختبار للسياسة الإيرانية الجديدة التي تستهدف الحد من خطر حدوث تدخل مباشر من قبل الولايات المتحدة وإسرائيل، من خلال تغليب العمل الدبلوماسي والآليات المؤسسية وتقليص “القوة الصلبة”، من أجل تحقيق مصالحها الأمنية ونفوذها، وفقاً لما خلصت إليه صحيفة “ديلي صباح” التركية.

وبحسب تقرير الصحيفة التركية الذي ترجمته وكالة شفق نيوز، فإن الموقف الإستراتيجي لإيران يواجه نقطة تحوّل لها قبل الانتخابات العراقية في تشرين الثاني/ نوفمبر المقبل، فيما يتعلق بتوازنات القوة الإقليمية ونفوذها عبر الوكلاء الإقليميين.

وأوضح التقرير، أن “الاتصالات الدبلوماسية خلال الشهور الأخيرة والتطورات الأمنية على الصعيد الدولي ومناورات القوى الفاعلة الإقليمية، تكشف عن جهود إيرانية لإعادة تموضع نفوذها في العراق“.

وفي هذا الإطار، تناول التقرير التركي زيارات الأمين العام للمجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني علي لاريجاني إلى العراق ولبنان، وزعيم تيار الحكمة عمار الحكيم إلى طهران، باعتبار أنها “تؤشر إلى هذا التوجه الإستراتيجي“.

وأشار التقرير، إلى “توقيت هذه الزيارات بعد الهجمات الإسرائيلية في حزيران/ يونيو 2025 وتزايد الحساسية للقوى الوكيلة في المنطقة“.

ووفقاً للتقرير، فإن هذه المؤشرات “تظهر أن إيران تعيد تشكيل إستراتيجياتها الأمنية ونفوذها من خلال الدبلوماسية والآليات المؤسسية والحد من استخدامها للقوة الصلبة“.

وأوضح التقرير، أن “زيارات لاريجاني تظهر أن دور مجلس الأمن القومي أصبح أكثر مركزية في القضايا المتعلقة بالأمن والسياسة الخارجية”، مضيفاً أن “طهران لا تقوم بإعادة تموضع مؤسساتي فقط، وإنما برد فعل يستند إلى المؤسسات، في مواجهة الضغط العسكري الإسرائيلي المتزايد والتحركات الإقليمية للولايات المتحدة“.

ولفت التقرير، إلى أن “محادثات لاريجاني وانخراطه تمحورت بالدرجة الأولى حول إبعاد الجماعات المسلحة المعارضة لإيران والمتمركزة في إقليم كوردستان، وتعزيز الاتفاقات الأمنية القائمة مع العراق“.

كما أن زيارة لاريجاني وفقاً للتقرير، تعزز “الحسابات الإستراتيجية المرتبطة بانتخابات تشرين الثاني/ نوفمبر المقبل، حيث تسعى إيران إلى ضمان حفاظ الميليشيات التي تدعمها على مواقعها السياسية ونيل مكانة أكثر مؤسسية داخل النظام العراقي“.

وأن إيران “لا تنظر إلى مطالب الولايات المتحدة بنزع السلاح والعقوبات ضد هذه الفصائل على أنها خطر أمني فقط، وإنما أيضاً على أنها تضييق لمدى نفوذها الإقليمي“.

وحول زيارة الحكيم إلى طهران، قال التقرير إنها تشير إلى “اتجاه إستراتيجي جديد في العلاقات العراقية – الإيرانية، حيث لم تكن اجتماعاته مجرد مراسم دبلوماسية، وإنما شملت خطوات ملموسة نحو التعاون في مجالات عدة، تتراوح بين الأمن والعدالة والاقتصاد، وصولاً إلى العلاقات الثقافية“.

وأشار التقرير، إلى أن الحكيم كان يركز على ما وصفه التقرير، بـ”نهج المنفعة المتبادلة، عوضاً عن الدفع بأجندة إيران فقط، وهو ما يظهر قبول طهران وجهودها لإقامة علاقات تستند إلى إطار عملي وموجه نحو النتائج“.

ويتابع التقرير أن “هذا النهج يظهر أيضاً أن علاقات العراق مع إيران تتخطى التقارب الرمزي، وتعكس الرغبة في تعزيز الشراكة الإستراتيجية من خلال المؤسسات والآليات، ولهذا فإن زيارة الحكيم إلى إيران، تشير إلى بداية حقبة جديدة في العلاقات العراقية – الإيرانية“.

واعتبر التقرير، أن “التعاون الأمني يمثل أيضاً جانباً بارزاً من هذه العملية”، مضيفاً أنه مع “اقتراب الانتخابات في العراق أصبح الحفاظ على الاستقرار في البلد بمثابة أولوية“.

وأضاف أن اجتماعات الحكيم مع المسؤولين الإيرانيين ركزت على ضرورة تنفيذ الاتفاقات الأمنية وكشفت عن الحساسية المشتركة بينهم إزاء ما يتعلق بالاستقرار خلال العملية الانتخابية.

ولفت التقرير، إلى أن “زيارات لاريجاني إلى بغداد تظهر أيضاً هذا التعاون المرتكز على الأمن”، مضيفاً أن “الزيارات التي قام بها لاريجاني والحكيم، تعكس أهمية تأمين إستراتيجية إيران للسيطرة على قواتها الوكيلة ومنع تطرفها وخفض صورتها أمام الهجمات الأمريكية الإسرائيلية المحتملة“.

كما رأى التقرير أن الجبهة اللبنانية تشكل أيضاً محوراً حاسماً آخر في هذه الإستراتيجية الإقليمية الإيرانية.

وأوضح أن “الضغط المتزايد لنزع سلاح حزب الله والمبادرات التي تدعمها الولايات المتحدة لجمع السلاح، تمثل تهديداً خطيراً لإيران وحزب الله“.

ووفقاً للتقرير، فإن “زيارات لاريجاني إلى لبنان لا تعكس الدعم الدبلوماسي والسياسي لحزب الله فقط، وإنما تستهدف أيضاً منع تهميش الحزب بشكل كبير“.

وذكر التقرير، أن “إعادة التموضع الإستراتيجي لإيران تأتي من خلال الدبلوماسية والآليات المؤسساتية، بدلاً من التدخل العسكري المباشر”، مشيراً إلى أن “طهران بحثت عن توازن جديد، وأن مجلس الأمن القومي الذي يعمل على الحد من صورة القوى الوكيلة ويعطي الأولوية للأمن القومي، يشكل أساس الحسابات الإستراتيجية الإقليمية لإيران“.

وأضاف أن “هذا النهج يرتبط ارتباطاً مباشراً بإستراتيجية طهران لتقليص التوترات مع واشنطن وتل أبيب والحفاظ على العناصر الحليفة بطريقة قابلة للسيطرة“.

وأشار التقرير، إلى أن “هناك أهمية أخرى تتعلق بزيارة الحكيم وهي التعزيز السياسي الداخلي للعراق وتقوية سلطة الدولة على الجماعات المسلحة، حيث يشدد الحكيم على أنه لا ينبغي للجماعات المتحالفة مع إيران الانخراط في الصراعات الإقليمية وأنه جرى التوصل إلى توافق سياسي في الآراء في هذا المجال“.

وبحسب التقرير، فإن هذا الموقف يتسق مع “مطالب إصلاح الحشد الشعبي ويمكن اعتبارها بمثابة خطوة حاسمة نحو تعزيز سلطة الدولة في العراق“.

ويشير التقرير إلى أن “أمن العراق في الانتخابات وتعزيز قدرات الدولة، يظهر كانعكاس لإستراتيجية التأثير الإقليمي الإيراني في السياسة الداخلية“.

وخلص التقرير، إلى القول إن صياغة الموقف الإستراتيجي لإيران قبل الانتخابات العراقية، تتركز على ثلاثة محاور رئيسية، الأول يتمثل بتعزيز مجلس الأمن القومي وتحديد أولويات آليات صنع القرار المؤسسية، والثاني بإستراتيجية للحد من صورة القوى الوكيلة وتوجيهها للعمل بشكل أكثر استقلالية واعتدالاً، وثالثاً منح الأولوية للأمن الوطني بدلاً من التأثير الإقليمي.

وختم التقرير إشارته إلى، أن “زيارات لاريجاني والحكيم تظهر أن طهران تعطي الأولوية لقدرتها على المناورة من خلال الدبلوماسية والآليات المؤسساتية والقوات الوكيلة بدلاً من قدرات القوة الصلبة“.

كما أن الموقف الإستراتيجي لإيران في العراق قائم على الاستقرار الإقليمي والإدارة الفعالة للقوى الوكيلة، وهو نهج وصفه التقرير بأنه، يحد من خطر التدخل المباشر من قبل الولايات المتحدة وإسرائيل ويضمن الحفاظ على الاستقرار الداخلي خلال العملية الانتخابية العراقية، مضيفاً ان ذلك يعكس حقبة جديدة في إظهار القوة الإيرانية في الشرق الأوسط.

واعتبر التقرير التركي، أن الاستقرار الذي يحققه العراق في المجالين السياسي والأمني، سيكون بمثابة أداة لتعزيز الموقف الإقليمي لإيران مع ظهور انتخابات تشرين الثاني/ نوفمبر المقبل، كأرضية اختبار لهذه الإستراتيجية الجديدة.

اترك تعليقًا

عرض
Drag