تشرين… صرخة وعي ومسيرة وطن
مقالات
كتب المحرر السياسي للتجمع
في مثل هذه الأيام من عام 2019، خرج أبناء الشعب العراقي من شماله إلى جنوبه، من مختلف أطيافه ومكوناته، في تظاهرات عفوية سلمية عبّرت عن صرخة الوعي والأمل، وعن إرادة الحياة الكريمة والعدالة والحرية. كانت تظاهرات تشرين لحظة فارقة في التاريخ الحديث للعراق، إذ رفع الشباب العراقي شعارات الوطن الواحد، ورفضوا الفساد والطائفية والمحاصصة، مطالبين بدولة المواطنة والقانون.
لقد خرجت الجماهير وهي تحمل في قلوبها حلم التغيير الحقيقي، وتطالب بإنهاء منظومة الفساد التي أنهكت البلاد، وبمحاسبة السراق والقتلة الذين اغتالوا أحلام العراقيين وسرقوا خيراتهم. لم تكن تشرين مجرد احتجاج، بل كانت ثورة وعي ضد الظلم والتهميش، وصوتاً صادقاً من أجل كشف الحقائق، وإقامة العدالة، وبناء وطن يستحق تضحيات أبنائه.
لقد سقط في ميادين التحرير وساحات الاحتجاج خيرة شباب العراق شهداءً وجرحى، رووا بدمائهم الزكية طريق الحرية، وتركوا لنا وصية الاستمرار على النهج حتى يتحقق الحلم بوطن يسوده العدل والكرامة. إن دماءهم لن تذهب هدراً، فهي أمانة في أعناق الأحياء، ومسؤولية وطنية وأخلاقية على كل من يؤمن بالعراق ومستقبله.
إن تأثير تشرين ما زال حياً في ضمير المجتمع العراقي؛ فقد أيقظت روح المطالبة بالحقوق، وكسرت حاجز الخوف، ورسّخت مفهوم المواطنة والوعي الشعبي، وأعادت الثقة بقدرة الشباب على صناعة التغيير. ومن رحم تشرين وُلد جيل جديد يؤمن بأن العراق يستحق الأفضل، وأن الإصلاح الحقيقي يبدأ من صوت المواطن الحر.
وفي هذه الذكرى، نُجدّد العهد لشهداء تشرين بأن تبقى راية الحق مرفوعة، وأن نواصل المسيرة حتى تتحقق الأهداف التي خرج من أجلها أبناء الوطن: وطن بلا فساد، بلا طائفية، بلا قمع… وطن يليق بتضحيات شعبه.
المجد والخلود لشهداء تشرين،
والحرية والكرامة لشعب العراق.
