Skip links

برلمان لا يوفي حق كرامة العراقية وقيمها الإنسانية حقوق المرأة في العراق.. قوانين مدفونة داخل البرلمان رغم مآسي الواقع

تقارير

رغم تزايد عدد النائبات في مجلس النواب العراقي خلال الدورات الأخيرة، إلا أن تأثير المرأة داخل المؤسسة التشريعية لا يزال محدوداً.

ويرى نشطاء وحقوقيون أن صوت المرأة، بدل أن يكون أداة للدفاع عن حقوقها، أصبح إما مغيّباً أو مستغلاً ضد مصالحها، في وقت تعاني فيه قضايا الأسرة من الإهمال والتأجيل المتكرر، وفي مقدمتها قانون مناهضة العنف الأسري.

وتأتي هذه الانتقادات في ظل استمرار الجمود البرلماني الناجم عن صراعات سياسية داخل رئاسة المجلس، وتعطّل عدد كبير من القوانين المهمة، وهو ما يهدد بتفاقم الأزمات الاجتماعية، خاصة في ما يتعلق بحقوق النساء والأطفال.

صوت المرأة مغيّب عمداً

وفي هذا السياق، تُعرب أزهار زيد الجبوري، رئيسة مؤسسة المدى لحقوق الإنسان، ومسؤولة شبكة تحالف النساء القياديات في محافظة واسط، وعضو شبكة النساء العراقيات، عن قلقها من تراجع تمثيل المرأة في البرلمان على المستوى الفعلي، رغم تحسّن حضورها العددي.

وتقول الجبوري في حديثها لوكالة شفق نيوز، إن “الآمال كانت كبيرة بأن تسهم النائبات في الدفاع عن قضايا المرأة ونقل معاناتها، لكن ما حدث هو العكس؛ فصوت المرأة إما مغيب بالكامل أو يُستعمل أحياناً ضد النساء أنفسهن“.

وتضيف أن “بعض عضوات البرلمان يعملن ضد قضايا النساء، وهناك أحزاب تختار نائبات غير ملمات بثقافة حقوق الإنسان لضمان عدم المطالبة بحقوق المرأة داخل المجلس”، معتبرة أن هذا التوجه مقصود ويشكّل جزءاً من عملية ممنهجة لإقصاء المرأة من دوائر القرار.

وتتابع الجبوري أن مسؤولية الدفاع عن الحقوق لا تقع على البرلمانيات وحدهن، بل على كل امرأة عراقية أن تدرك حقوقها وواجباتها، مشيرة إلى أن “التغييب الممنهج لصوت المرأة أصبح ملموساً في عمل المؤسسات التشريعية“.

كما تنتقد الجبوري التعديلات الأخيرة التي طالت قانون الأحوال الشخصية، وتصفها بأنها “انتكاسة خطيرة أعادت النساء إلى ما يشبه عصور الجاهلية“.

وتوضح أن “القانون حرم الطفلة من الحضانة، وأباح زواج القاصرات، وسلب المرأة حقوقها الزوجية، وحتى في مرحلة الشيخوخة تُحرم من إرث زوجها“.

وتحذّر الجبوري من أن استمرار هذا الوضع، في ظل غياب قانون يحمي المرأة والطفل من العنف والتمييز، سيؤدي إلى تصاعد معدلات الجريمة والعنف الأسري، مشددة على أن “تقدّم الدول يُقاس بمدى احترامها لحقوق المرأة، وهذا ما نفتقده في العراق اليوم“.

أسباب تغييب قضايا الأسرة

من جانبها، تؤكد الناشطة النسوية سهيلة الأعسم أن القوانين الخاصة بالأسرة والمرأة، وعلى رأسها قانون مناهضة العنف الأسري، تُركت في الظل بسبب عوامل سياسية ودينية واجتماعية معقدة، مشيرة إلى أن البرلمان بات عاجزاً عن إقرار قوانين تمس حياة المواطنين مباشرة.

وتقول الأعسم لوكالة شفق نيوز، إن “الخلافات بين الكتل السياسية كثيراً ما تطغى على أولويات العمل التشريعي، مما أدى إلى تعطيل قوانين حساسة، مثل قانون مناهضة العنف الأسري”، مضيفة أن “هذا القانون، رغم أهميته، لم يُدرج ضمن الجلسات الأخيرة، بسبب صراعات على النفوذ والأولويات“.

وتضيف أن “الضغط المجتمعي والديني يشكل عقبة كبيرة أمام تمرير قوانين حقوقية، حيث تُتهم هذه القوانين بأنها تتعارض مع القيم والتقاليد، وهو ما يخلق حالة من التردد السياسي تجاه إقرارها“.

وتتحدث الأعسم عن أزمة تمثيل النساء، قائلة: “رغم وجود نائبات داخل البرلمان، إلا أن دورهن غالباً رمزي، ويتم استخدامهن كواجهة إعلامية دون تمكين حقيقي، في ظل هيمنة الذكور على مراكز صنع القرار“.

وتنتقد بدورها التعديلات على قانون الأحوال الشخصية رقم 188، مؤكدة أن “التغييرات الأخيرة أضرت بالنساء بشكل مباشر، حيث تم المساس بحقوق الحضانة والميراث، فضلاً عن انتشار ظاهرة الزواج خارج المحكمة، ما يعمّق من تهميش النساء داخل الأسرة والمجتمع“.

لا نية لإقرار العنف الأسري

من جانبه، يوضح عضو اللجنة القانونية النيابية عارف الحمامي أن تأخر إقرار قانون العنف الأسري يعود إلى ازدحام جدول أعمال البرلمان والتجاذبات السياسية المستمرة، مؤكداً أن “اللجنة القانونية أنهت مراجعتها للقانون، وتمّت إحالته إلى هيئة رئاسة البرلمان، لكن لم يتم إدراجه على جدول الأعمال“.

ويقول الحمامي لوكالة شفق نيوز إن “مهمة اللجنة القانونية تنتهي بمجرد اكتمال القراءة والمراجعة، أما إدراج القوانين للتصويت فهو من مسؤولية هيئة الرئاسة”، لافتاً إلى أن “اللجان المختصة أجرت ورش عمل واتصالات مع الجهات المعنية ومنظمات المجتمع المدني بشأن القانون، لكن ذلك لم يُترجم إلى خطوات فعلية“.

ويضيف أن “قانون العنف الأسري زاحمته قوانين أخرى أُعطيت أولوية، مما أدى إلى تأجيله، ومع ضيق الوقت المتبقي من عمر الدورة البرلمانية، وغياب الانسجام السياسي، لا يبدو أن هناك فرصة حقيقية لإقراره“.

لا جدول لاستئناف الجلسات

وفي ذات السياق، يؤكد النائب المستقل جواد اليساري أن مجلس النواب لا يملك جدولاً واضحاً لاستئناف جلساته في ظل الخلافات المستمرة داخل هيئة الرئاسة.

ويقول اليساري لوكالة شفق نيوز إن “الانعقاد القريب للجلسات أمر مستبعد، خصوصاً بعد الخلاف العلني الذي نشب في جلسة 5 آب/أغسطس الجاري بين رئيس المجلس محمود المشهداني ونائبه محسن المندلاوي، الأمر الذي عطل عمل المؤسسة التشريعية“.

ويضيف أن “انشغال الكتل السياسية بالحملات الانتخابية زاد من تعقيد المشهد، وأدى إلى تأجيل مناقشة قوانين مهمة، بعضها يمس حياة المواطنين بشكل مباشر“.

برلمان مشلول

وبحسب إحصائية أجرتها وكالة شفق نيوز في 2 نيسان/أبريل الماضي، فإن مجلس النواب العراقي لم يعقد سوى 132 جلسة منذ بداية دورته الحالية في كانون الثاني/يناير 2022 وحتى الآن، من أصل 256 جلسة يفترض أن تُعقد سنوياً بحسب النظام الداخلي، أي بنسبة 51% فقط.

وتُظهر هذه الأرقام تعثّر المؤسسة التشريعية في أداء دورها الرقابي والتشريعي، وهو ما أكده نواب ومراقبون، محذّرين من أن هذا الأداء الضعيف سيُضعف ثقة المواطنين بالعملية السياسية برمّتها.

ومع اقتراب انتهاء عمر الدورة البرلمانية الحالية، تتجه الأنظار إلى الانتخابات التشريعية المقررة في 11 تشرين الثاني/نوفمبر 2025، وسط تساؤلات حول مدى قدرة البرلمان الحالي على استكمال أي من القوانين العالقة، خاصة تلك التي تتعلق بحقوق المرأة والأسرة، في ظل انقسام سياسي وتحديات تشريعية مستمرة.

اترك تعليقًا

عرض
Drag