Skip links

انتخابات العراق ترفع أسعار الإيجارات وتحول الخدمات إلى أدوات دعاية

تقارير

تشهد مكاتب الدلالية والعقارات في العاصمة العراقية بغداد حركة غير مسبوقة، مع تزاحم مسؤولي الحملات الانتخابية على استئجار منازل وشقق بمواقع متميزة، استعداداً لانطلاق الحملة الدعائية للانتخابات البرلمانية المقررة في 11 تشرين الثاني/نوفمبر المقبل.

ويقول ليث الدراجي، المشرف على الحملة الترويجية لأحد مرشحي القوائم الشيعية، إن الفترة التي حددتها المفوضية لبدء الحملات الانتخابية قصيرة، ما يفرض علينا تسريع وتيرة التحضيرات، “بدءاً من استئجار مكاتب للمرشح داخل دائرته الانتخابية، وصولاً إلى التخطيط للمشاريع الخدمية التي تمس احتياجات السكان”.

ويضيف الدراجي، لوكالة شفق نيوز، أن بعض المرشحين بدأوا بالفعل بـ”التنسيق مع دوائر بلدية لتوفير الخدمات أو استحصال الموافقات الرسمية لاستكمال إجراءات لكسب ثقة الناخبين”.

ومع اقتراب موعد الانتخابات، شهدت أسعار إيجار العقارات في بغداد ارتفاعاً غير مسبوق، حيث يؤكد الدراجي أن أسعار الإيجارات ارتفعت لـ”ثلاثة أضعاف بمجرد علم المالك بأن العقار سيستخدم كمقر انتخابي لمرشح أو حزب”، خصوصاً أن مدة الإيجار لا تتجاوز عادة الثلاثة أشهر.

ففي منطقة البلديات شرقي العاصمة، ارتفع إيجار منزل بمساحة 100 متر مربع إلى أكثر من مليون ونصف دينار شهرياً، مقارنة بـ500-600 ألف دينار سابقاً، فيما ترتفع الأسعار بشكل أكبر في المناطق المصنفة مجتمعياً كراقية أو استراتيجية، وفق الدراجي.

ويعمد بعض المرشحين أو مندوبيهم على زيارة المكاتب بحثاً عن مقر مؤقت لمدة لا تتجاوز 3 أشهر، و”غالباً ما تُحدد أسعار الإيجار بناءً على ثقل المرشح السياسي والحزبي”، بحسب أبو عبد الله، صاحب مكتب دلالية في بغداد.

كما تلجأ بعض الأحزاب إلى دفع مقدم الإيجار بالكامل، قبل إرسال لجان مالية خاصة للتأكد من موقع العقار ومدى شعبية المرشح في المنطقة، وفق أبو عبد الله.

ويشير خلال حديثه لوكالة شفق نيوز إلى أن بدلات الإيجار في مناطق مثل شارع فلسطين وصلت إلى أكثر من 10 ملايين دينار لعقارات لا تزيد مساحتها عن 200 متر، وسط تزاحم ليافطات الأحزاب الكبيرة على واجهات الأبنية، تتقدمها صور الزعيم السياسي تليها يافطات أصغر للمرشح المحلي.

وفي محاولة لاستمالة الناخبين، يكشف أبو عبد الله أن عدد من المرشحين بدأوا بتقديم خدمات ومساعدات مباشرة، ففي مدينة الصدر، أطلق أحد المرشحين الإسلاميين حملات لـ”نقل كبار السن والفقراء لزيارة العتبات المقدسة مجاناً، تتضمن وجبة طعام أسبوعية”.

وفي مناطق العماري والمعامل، أوكلت إحدى المرشحات لحملتها “تجهيز الشباب المقبلين على الزواج ممن لا يملكون المال، بتوفير غرف نوم وتكاليف جزئية لإتمام الزواج”.

وعن حجم الأموال المتداولة في الحملات الانتخابية، يفصح أحد المرشحين لوكالة شفق نيوز قائلاً إن بعض المرشحين المدعومين من القوائم المتنفذة حصلوا على “مبالغ تتراوح بين 80 مليون ومليار دينار عراقي، حسب قدرة المرشح على تأمين عدد الأصوات”.

ووفقاً للمرشح، فإن من “يستطيع ضمان 2-3 آلاف صوت يحصل على نحو 80 مليون دينار، فيما تتجاوز المنحة المليار دينار للمرشحين القادرين على حصد أكثر من 100 ألف صوت”.

ويؤكد أن هذه الأموال “تُصرف وفق آلية تتضمن كشوفات تضم أسماء الناخبين وأرقام بطاقاتهم الانتخابية”، وغالباً ما يكون هؤلاء من الأقارب أو معارف المرشح، لا سيما إذا كان يشغل منصباً حكومياً.

في المقابل، أبرز المرشح أن بعض المرشحين المستقلين اعتمدوا على مدخراتهم الشخصية لتمويل الحملات الانتخابية، في وقت لم تصادق المفوضية على القوائم النهائية للمرشحين حتى الآن، ما يعرقل في الوقت الحالي صرف الأموال من قبل القوائم والأحزاب لمرشحيهم.

ونتيجة لهذا الظرف، ينفق هؤلاء من مالهم الخاص على تنفيذ برامج خدمية في مناطق أطراف بغداد الشرقية، مثل تعبيد الأزقة، وتسييج مكبات النفايات، لحين إطلاق الدعم المالي المتفق عليه مع زعيم القائمة الانتخابية، بحسب قوله.

من جانبها، تقول حلا الفرطوسي، مديرة حملة انتخابية لمرشحة في شارع فلسطين، لوكالة شفق نيوز إن المرشحين يلجؤون إلى تنفيذ مشاريع خدمية صغيرة مثل تجهيز الأزقة بمحولات كهربائية حديثة بالتنسيق مع الجهات الرسمية، وتجميل المتنزهات العامة، إلى جانب تنظيم موائد طعام وعقد لقاءات مع الشباب.

وتهدف هذه الحملات الانتخابية عموماً إلى “خلق أجواء تضمن نجاح الانتخابات عبر استمالة الناخبين من خلال تلبية رغباتهم مثل الحصول على مقعد في الكليات العسكرية أو منحة مالية للنازحين، أو فرص عمل في مشاريع استثمارية”، وفق أبو صگر، مدير مكتب انتخابي لإحدى القوائم في غرب بغداد.

يضيف أبو صگر لوكالة شفق نيوز أن هناك لقاءات تنسيقية تُعقد بشكل دوري مع شيوخ العشائر بهدف التعريف ببرامج المرشحين وكسب تأييدهم.

ويلخص المتحدث في النهاية إلى أن الناخب العراقي أصبح أكثر وعياً، “لكنه ما يزال يتأثر بالمال السياسي، الذي يظل العامل الحاسم في تحديد اتجاهات التصويت”.

اترك تعليقًا

عرض
Drag