المشاحيف تودّع الأهوار.. بلدة عراقية تلفظ بقايا مياه
تقارير
بانتظار موسم الأمطار، لم تصمد أنهار وأهوار جنوب العراق أمام الجفاف، حيث أدت قلة الإطلاقات المائية وانعدام وصولها إلى الكثير من المناطق إلى جفاف الكثير من الأنهار والأهوار.
ولم يسلم نهر “أم الطوس”، الواقع في منطقة “أبو خصاف”، من تأثيرات الجفاف، حيث أن النهر الذي يُعد أحد أهم الأنهر في محافظة ميسان والذي يعيش عليه سكنة بعض قراها، لم يعد قادراً على تزويدها بمياه الشرب أو الزراعة وغرواء الحيوانات.
ويقول كاظم كريم حسن، من سكنة القرية، إن “جفاف نهر أم الطوس أدى إلى نزوح العديد من سكان المنطقة التي تعيش على تربية الجاموس وصيد الأسماك“.
ويوضح في حديثه لوكالة شفق نيوز، أن “الأهالي يقطعون مسافات بعيدة للوصول إلى مشروع الكحلاء من أجل الاستحمام وجلب المياه الصالحة للشرب“.
أما الناشط البيئي الميساني، أحمد صالح نعمة، فيشير إلى أن “دبيب الموت قد دب نهر أم الطوس منذ أشهر، حيث لا تصله قطرة ماء، حتى أن محطات الماء في النهر خرجت عن الخدمة ولا تعبر منها قطرة ماء إلى هور الحويزة“.
ويحمل معنيون في المحافظة، الجهات الرسمية المعنية بملف المياه، مسؤولية جفاف الأهوار من خلال اتخاذها قرارات “غير مدروسة“.
وفي هذا الشأن يذكر رئيس مؤسسة “جلجاموس” للآثار والأهوار أبو الحسن علي المسافري، في تصريح خاص لوكالة شفق نيوز، أن “نهر أم الطوس أحد الأنهار المغذية لهور الحويزة، ويستمد المياه من ناظم الكحلاء، مروراً بناحية بني هاشم“.
وبحسب المسافرين، فإن “النهر الأساسي يعاني من شح المياه، وأن ما تبقى منه مجرد مياه آسنة غير صالحة للاستخدام”، مشيراً إلى أن “مربي الجاموس في المناطق والقرى المتاخمة لهذا النهر عانوا الأمرين جرّاء الجفاف وصعوبة توفير المياه من مناطق أخرى“.
ويبين أن “سبب شح المياه يعود إلى وجود مجموعة كبيرة من المتجاوزين على هذا النهر من قبل أصحاب بحيرات الأسماك العملاقة التي تستنفد كميات المياه التي تصل إلى النهر”، مشيراً إلى أن “الأهوار الوسطى وهور الحمار الغربي بمحافظة ذي قار والأهوار الأخرى، تسكن قربها مجتمعات محلية، يقوم اقتصادها على الثروة الحيوانية وصيد الأسماك وجمع الحشائش والقصب وتربية الجاموس“.
ويعرب المسافري عن أسفه “لسوء إدارة ملف المياه من قبل الجهات المعنية والذي أدى إلى جفاف الأهوار ونزوح العديد من العائلات عن قراها ومناطقها“.
ويلفت إلى أن “الإطلاقات المائية التي تصل إلى الأهوار قليلة جداً ومتقطعة وغير كافية وهو ما أدى إلى الجفاف“.
وينوّه إلى أن “عدم وجود حصص مائية أدى إلى جفاف هور أبو زرك بناحية الإصلاح بمحافظة ذي قار منذ عام 2021، وأن زراعة الشلب عام 2023 بكمية تقدر بـ 350 ألف وزراعة الحنطة أحدثت أزمة كبيرة في المياه، وقادت إلى نتائج كارثية تسببت بجفاف الأهوار والأنهار جنوب العراق“.

كما يؤكد المسافري، “عدم وجود برامج وخطط لمعالجة أزمة الجفاف، وأن ما تم اتخاذه من إجراءات كانت مجرد خطوات غير مدروسة أدت إلى تعميق الأزمة”، مبيناً انه “لا توجد حلول لمعالجة الجفاف إلا بوجود حص مائية ثابتة ومكررة لدعم الأهوار وإعادة غمرها بالمياه“.
وكانت وزارة الموارد المائية، أشارت في وقت سابق إلى أن مشكلة الجفاف تعود إلى قلة الإطلاقات المائية في نهري دجلة والفرات من دول المنبع.
وتبلغ نسبة اعتماد مصادر المياه في العراق على الجانب التركي بنحو 90%.
وأعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان خلال مباحثاته مع رئيس مجلس النواب محمود المشهداني في حزيران الماضي، إطلاق 420 متراً مكعباً في الثانية من المياه إلى العراق.
ويتابع المسافري، أن “قلة الإطلاقات من قبل تركيا التي تستأثر بالمياه، هي سبب أزمة جفاف الأنهار والأهوار“.
ويواصل في حديثه لوكالة شفق نيوز، أن “عدم وجود أية اتفاقية مائية مع الجانب التركي يجعل أنقرة تستأثر بالمياه، ولا تزود العراق بما يكفي من حصته المائية“.
ويوضح، أن “المحادثات التي تجري بين البلدين تتوصل إلى مجرد تفاهمات غير ملزمة للحكومة التركية، فيما لا تمارس بغداد أي ضغوط سياسية أو تجارية جادة على تركيا من أجل الحصول على الإطلاقات المائية الكافية“.
ووفقاً لمعنيين، جف نحو 90% من مياه الأهوار في محافظتي ميسان وذي قار.
وتعد هذه النسبة أسوأ كارثة بيئية في تاريخ الأهوار، إذ أسفرت عن انهيار جميع المشاريع وتوقف شريان الحياة في العديد من القرى المحيطة بالأهوار.
ويشكل ملف المياه أحد أبرز التحديات التي تواجهها الحكومة، وخاصة في جنوب العراق، وعلى الرغم من الإجراءات التي اتخذتها الجهات المعنية، إلا أن أزمة الجفاف ما تزال قائمة.
