المبعوث الخاص.. يطرق ابواب العراق قبيل الانتخابات
مقالات
ظاهر صالح الخرسان
عادة ما يمارس المبعوث الخاص دورا محوريا في السياسة الخارجية ، ويعمل على إختصار الخطوات الدبلوماسية، في سبيل تشكيل صورة نهائية للصراع او ادارة ملفات معينة ، وعملت واشنطن بإدارة ترامب على استراتيجية بناء قنوات نفوذ موازية تعتمد على دبلوماسيين سابقين او رجال اعمال او من ذوي النفوذ في المجتمع المدني والجاليات الامريكية المؤثرة في الشرق الاوسط، اذ شهدت ولاية ترامب تحولات مختلفة تماما عن النهج الامريكي في الدبلوماسية وغيرها من المجالات فقد ذكر مبعوثه الخاص الى الشرق الاوسط “ستيف ويتكوف” ان نهج ترامب الحاسم والبراجماتي يتضمن كيفية التعامل مع اكثر الصراعات المتجذرة بمنظور جديد واستراتيجية مبتكرة ،
اذ ان مهام المبعوث الرئاسي تشبه الى حد كبير سلطة المندوب السامي ولكن بأسلوب جديد ، ولذا يتضح ان أسلوب ترامب لا يميل إلى الدبلوماسية التقليدية بقدر ما يعتمد اللجوء الى اجراءات خارج الاطر المعتادة والتي تقوم على زعزعة توازن طرف دون طرف آخر، من خلال تحركات وتصريحات غير متوقعة .
وعلى صعيد الشرق الاوسط فإن سياسة ترامب جمعت بين الصدمة وعدم اليقين في مزيج غير متجانس كالانخراط دبلوماسيا بطرق غير متوقعة مثل المحادثات السرية مع حمــــــاس والاتفاقات مع الجماعات اليمنية “الحوثيون” …الخ
جاء توقيت تعيين المبعوث الخاص في العراق بعد سلسلة اجراءات في المنطقة مثل تعيين مبعوث الشرق الاوسط وكذلك في لبنان وسوريا واخرها العراق بعد مرور اكثر من عام على انتهاء مهام السفيرة الامريكية في بغداد وفي فترة قليلة من مشاركة العراق في قمة شرم الشيخ للسلام حيث اشار ترامب الى العراق من خلال كلمته : “لدينا العراق، لديهم كميات هائلة من النفط لدرجة أنهم لا يعرفون ماذا يفعلون به…وهذا بحد ذاته مشكلة كبيرة عندما تملك الكثير ولا تعرف كيف تتصرف به” بهذه الكلمات عبّر ترامب عن حضور العراق في القمة ، ولذا فإن التوقيت وهوية المبعوث تفتح الباب امام التساؤلات والتكهنات فيما يخص الدور الامريكي او المهام التي يسعى اليها المبعوث والملفات التي ستكون تحت يده لتفكيكها او دراستها من اجل تخاذ قرار امريكي في الوقت المناسب على اساس العلاقات الامريكية_العراقية ، او هندسة التوازنات الداخلية مع الخارج بما ينسجم مع سياسة ترامب في المنطقة، فوجود مبعوثين مماثلين له في المنطقة كان لهم تأثير مباشر يفوق تأثير الدبلوماسية التقليدية ، يفتح الباب على مصراعيه امام هذه التساؤلات حول دور المبعوث الخاص مارك سافايا واولويات امريكا في العراق عبر بوابة المهام الموكلة له ،فعندما عيّن ترامب مبعوثا خاصا للشرق الاوسط عام 2024 شارك في مفاوضات مع اطراف دولية حول ملفات معقدة وشائكة من بينها ايران وغزة ولبنان، وتتسع دائرة الاحتمالات حول دور المبعوث الامريكي سافايا خاصة بعد تأكيد الباحثة الروسية الاسرائيلية تسوركوف انه قام بدور محوري في اطلاق سراحها دون اي مقابل مشيرة الى ان تعيينه يحمل خبر سيء للجهات المرتبطة في ايران ، فربما يلعب دورا مهما في التأثير عل الجماعات المسلحة من خلال فتح ملفات تتجاوز العمل الدبلوماسي اشبه بما يقوم به ويتكوف في لبنان مع قنوات غير رسمية مع حزب الله ومن جانب اخر ان العراق ضمن اطار خطة ترامب لتوسيع اتفاقيات ابراهام مع دول جديدة ، وكذلك يمثل مارك سافايا عنصر ضغط سياسي مباشر بما ينسجم مع سياسة ترامب المعلنة وضبط ايقاع العلاقة الامنية والاقتصادية مع اقتراب الانتخابات النيابية وما تمثله من فرصة لتشكيل تحالفات سياسية تسهم نوعا ما في اعادة تموضع العراق في المنطقة.
