“المال والنفط وسوء الإدارة”.. بغداد تتلقى رسائل تحذير دولية
تقارير
أثّر انخفاض أسعار النفط في السوق العالمية، سلباً على الدول الريعية ومنها العراق الذي يعتمد بشكل رئيسي على النفط في وارداته لرفد الموازنة العامة للبلد، وهو ما دفع منظمات دولية ووكالات اقتصادية وخبراء إلى تحذير بغداد من مشكلات كبيرة، كما طرحوا الحلول المراد تنفيذها قبل فوات الأوان.
ووفقا لصندوق النقد الدولي الذي كشف في شهر نيسان الماضي، عن سعر النفط الذي تحتاجه دول منظمة أوبك لموازنة ميزانيتها الوطنية لعام 2025 فإن “العراق يحتاج الى معدل سعر 92.43 دولاراً للبرميل لموازنة ميزانيته الوطنية فيما يباع حاليا باقل من 65 دولاراً“.
الاحتياطي “وسيلة للدفاع“
في هذا الصدد، قال مستشار رئيس الوزراء مظهر محمد صالح، إن “الاحتياطات الاجنبية تعد وسيلة للدفاع عن استقرار القيمة الخارجية للنقود من خلال سياسة تدخل السياسة النقدية وعموم النظام النقدي بادواته او بما يسمى بتحقيق الاهداف التشغيليةً وعلى راس تلك الاهداف التشغيلية هي السيطرة على مناسيب السيولة واستقرارها باستخدام آليات التعقيم لها بما يسمى بالتدخل الاستقراري في سوق الصرف ومبادلة الدينار المصدر بالعملة الاجنبية وباشارة سعر صرف رسمي ثابت” .
وأضاف صالح، في حديثه لوكالة شفق نيوز، أن “درجة التدخل بالعملة الأجنبية للحفاظ على استقرار سعر الصرف والتضحية بجانب من الاحتياطيات في مواجهة طلب السوق لها او التدخل بادوات الدين المحلي لامتصاص فائض السيولة من خلال سعر الفائدة… فان الامر متروك لسياسة البنك المركزي العراقي في المناورة بادوات سياساته“.
واشار الى ان “توقعات الوكالات المالية والاقتصادية الاجنبية عن وضع الاحتياطيات ، ياتي من متابعة دورة الأصول للسلع المهمة ولاسيما النفط الذي ياتي في مقدمتها ومدى استمرار تلك الدورة في تقلباتها السعرية ولاسيما اسعار النفطية منها“.
وأكد صالح ان “السياسة النقدية في العراق تراقب كفاءة الاحتياطيات الاجنبية سواء في نسبة تغطية عرض النقد الى العملة الاجنبية كمؤشر لاستقرار القيمة الخارجية للدينار من جهة ، وموشر الكفاءة التجارية المتمثلة بالاشهر الاستيرادية التي يمكن للعراق ان يستورد بها مقارنة بتلك الاحتياطات النقدية الاجنبية“.
وتابع: “ينبغي ألّا تهبط التغطية للدينار بالعملة الاجنبية عن 75٪ من عرض النقد وان الكفاءة التجارية ان لاتقل عن ستة اشهر استيرادية في حين ان المعيار العالمي المقبول هو ثلاثة اشهر” .
خزين لعام واحد
من جانبه، رأى الخبير المالي والمدير العام السابق في البنك المركزي محمود داغر، أن حجم الاحتياطيات الأجنبية ليست مهمة بقدر أهمية معدل الكفاية خاصة قدرة الاحتياطيات على توفير تغطية للاستيرادات لاكثر من 3 اشهر كمعيار دون الحاجة الى عائدات للصادرات”، مشيراً إلى أن “العراق من هذا الباب لديه ما يسمى بكفاية الاحتياطيات الاجنبية اكثر من سنة وهو معدل كافي” .
ونبه داغر، خلال حديثه للوكالة، إلى أن “الاحتياطيات لا تتاثر فقط بانخفاض اسعار تلنفط ولو هو شي مهم واحد مسببات انخفاض الاحتياطيات وانما ابضا تتاثر بزيادة حجم الانفاق”، مؤكدا ان “العراق بالحقيقية من عام 2023 وحتى هذا العام معدلات الانفاق عنده كبيرة وهي اكبر من الايرادات النفطية وغير النفطية وهنالك عجز فعلي“.
وأشار إلى أن “هناك انخفاضاً بالاحتياطيات ولكن لايصل الى 70 موتوقعا انه في ضوء الانفاق العالي واسعار المنخفضة للنفط ان يصل 90 مليار دولار مع نهاية عام 2025“.
وكان صندوق النقد الدولي قد كشف بانه القطاع غير النفطي في العراق قد تراجع من 18.7% في عام 2023 الى 2.5% في عام 2024 متاثرا بانخفاض الآستثمار العام.
الغاء رواتب غير مستحقة
في مقابل ذلك، لفت الخبير الاقتصادي هلال الطعان، خلال حديثه لوكالة شفق نيوز، إلى أن “احتياطي العملة في العراق لدى البنك المركزي العراقي يتكون من العملات الاجنبيه الدولار وغيرها، لكن الذهب لا يمكن السحب منه لان قانون البنك المركزي لا يسمح بذلك إلا في حالات الضرورة القصوى“.
وبين الطعان، أن “هناك اجراءات اخرى على الحكومة القيام بها ومنها القضاء على الموظفين الفضائيين في دوائر الدولة، وتقليل امتيازات كبار الموظفين من مدير عام فما فوق، وتقليل امتيازات أعضاء مجلس النواب “.
وشدد على ضرورة قيام الحكومة بإلغاء العديد من القوانين غير الصحيحة والتي اعطت امتيازات لفئات لا يستحقونها مثل (رواتب رفحاء) و(رواتب الجمعية الوطنية) منذ عام 2005 ولغاية الآن، كما يجب القيام بالتقشف في شراء الاثاث المكتبي والسيارات الفارهة للمسؤولين مع تقليص القنصليات في الخارج وتقليص أعضاء السلك الدبلوماسي، والتركيز على تشغيل الصناعات المحلية وتشجيع الانتاج الزراعي في العراق“.
خلل قديم
بدوره، رأى الخبير الاقتصادي ضرغام محمد علي، أن “ما تأتي به المنظمات الدولية عن واقع العراق ليس بالجديد، مبينا ان الحكومة شخصت هذا الخلل وخطورة الاعتماد على النفط كعنصر تنموي وحيد وبدات تعمل على بدائل التنمية مثل طريق التنمية ودعم الزراعة والصناعة والاستثمار والطاقة النظيفة“.
وخلص علي، خلال حديثه للوكالة، إلى القول إن “هذه العوامل تحتاج للدعم بمرور الزمن وخلق بيئة ملائمة لها والاستعانة بالخبرات الدولية لتطوير القطاع المصرفي كونه يعد القطاع الاقتصادي القائد لكل القطاعات والعمل على استقرار سعر الصرف لتعزيز الثقة بالعملة الوطنية“.
ويضع استمرار الدولة العراقية بالاعتماد على النفط كمصدر وحيد للموازنة العامة، البلد في خطر من الأزمات العالمية التي تحدث بين الحين والآخر لتأثر النفط بها، مما يجعل البلاد تتجه في كل مرة لتغطية العجز عبر الاستدانة من الخارج أو الداخل، وهو بذلك يشير إلى عدم القدرة على إدارة أموال الدولة بشكل فعال، والعجز عن إيجاد حلول تمويلية بديلة.
