Skip links

“الصدمة الانتخابية” تضرب مبكراً.. استبعاد “جدلي” يُنهي أحلام مرشحين

تقارير

أثارت قرارات المفوضية العليا المستقلة للانتخابات في العراق باستبعاد عدد من المرشحين لانتخابات مجلس النواب المقررة في 11 تشرين الثاني/ نوفمبر 2025، بسبب شرط “حسن السيرة والسلوك” جدلاً واسعاً، فيما تؤكد المفوضية أن قراراتها قانونية وتستند إلى المادة 7 من قانون الانتخابات، وبالتنسيق مع الجهات الرقابية والقضائية.

وتباينت ردود الفعل بين من اعتبر الإجراء قانونياً يعزز ثقة الشعب بمجلس النواب، ومن رأى أن التوسع في تفسير الشروط قد يؤدي إلى “إقصاء سياسي”، فيما يبقى الحسم بيد الهيئة القضائية المختصة بالنظر في الطعون.

مخالفة شروط الترشيح

وبهذا السياق، يؤكد عضو الفريق الإعلامي لمفوضية الانتخابات، حسن هادي زاير، أن استبعاد عدد من المرشحين جاء نتيجة مخالفتهم لشروط الترشيح المنصوص عليها في قانون الانتخابات رقم 12 لسنة 2018 المعدل، وتحديداً المادة (3/7)، التي تشترط أن يكون المرشح “حسن السيرة والسلوك، وغير محكوم بجناية أو جنحة مخلة بالشرف، بما في ذلك قضايا الفساد الإداري والمالي، بموجب حكم قضائي بات، سواء كان مشمولاً بالعفو أم لا“.

ويوضح زاير لوكالة شفق نيوز، أن عملية التدقيق ما تزال مستمرة، مؤكداً أنه “لا يمكن تحديد عدد نهائي للمرشحين المستبعدين في الوقت الحالي، لأن الدوائر المختصة ما تزال ترسل نتائج التحقق تباعاً“.

ويشير إلى أن للمرشحين المستبعدين الحق في الطعن بقرار الاستبعاد خلال ثلاثة أيام من تاريخ نشره على الموقع الرسمي للمفوضية. كما بيّن أن الهيئة القضائية ستبت بالطعون خلال سقف زمني لا يتجاوز عشرة أيام.

التزام بإنفاذ القانون

وتعليقاً على هذه الإجراءات، يؤكد الخبير في مجال مكافحة الفساد، سعيد ياسين، أن قرارات استبعاد عدد من المرشحين من السباق الانتخابي جاءت استناداً إلى تطبيق صارم لتعليمات مفوضية الانتخابات وقوانينها النافذة، وبالتعاون المباشر مع هيئة النزاهة، وهيئة المساءلة والعدالة، والسلطة القضائية، فضلاً عن مراجعة القيود الجنائية.

ويوضح ياسين لوكالة شفق نيوز، أن “المؤسسات المعنية تعمل ضمن لائحة قواعد السلوك التي وضعتها هيئة النزاهة بالتنسيق مع جهات عدة، حيث يتم استبعاد كل من توجد بحقه مؤشرات جزائية أو جنائية، أو ثبت تورطه بجرائم مخلة بالشرف، وذلك وفق ما يقتضيه القانون“.

ويضيف أن للمرشحين المستبعدين حق الاعتراض على قرارات المفوضية من خلال الآليات القانونية المتاحة، مشدداً على أن “هذا الإجراء يمثل مساراً قانونياً طبيعياً ضمن السياق العام لعمل المفوضية“.

ويلفت ياسين إلى أن مجلس مفوضية الانتخابات، المكوّن من قضاة، يتعامل مع هذه الملفات بحيادية كاملة، ووفق نصوص القانون، دون أي نوع من المحاباة، معتبراً أن هذه الخطوة “تمثل مظهراً مهماً من مظاهر الشفافية وإنفاذ القانون على الجميع“.

ويبيّن أن “الفترة السابقة شهدت تطبيق قانون العفو العام، الذي شمل قضايا تتعلق بالتزوير، والفساد، والاحتيال، وجرائم مخلة بالشرف، وهي أمور تؤثر بشكل مباشر على معيار حسن السيرة والسلوك الذي يُعد أحد شروط الترشح الأساسية“.

ويتوقّع ياسين أن تُصدر المفوضية قوائم جديدة من المستبعدين، ضمن عملية تدقيق شاملة تستند إلى معايير دستورية وقانونية، تشمل التأكد من عدم شمول المرشح بإجراءات المساءلة والعدالة، وعدم وجود قيود جنائية أو أحكام مخلة بالشرف، إضافة إلى التنسيق مع هيئة النزاهة وتحليل البلاغات والمعلومات الواردة من المواطنين.

ويرى أن مفوضية الانتخابات “تمضي في الاتجاه الصحيح”، مؤكداً أهمية مراقبة المراحل المقبلة، خصوصاً ما يتعلق بالترويج الانتخابي، وضبط استخدام المال العام وموارد الدولة، بما يسهم في تعزيز ثقة المواطنين بالعملية الانتخابية.

تؤسس لبرلمان شرعي

وفي السياق نفسه، يشيد النائب السابق رزاق الحيدري بقرارات مفوضية الانتخابات القاضية باستبعاد عدد من المرشحين غير المستوفين للشروط القانونية، واصفاً إياها بأنها “قرارات صائبة وشجاعة”، من شأنها أن تعزز نزاهة العملية الانتخابية وترفع من مستوى ثقة المواطنين بالسلطة التشريعية المقبلة.

ويقول الحيدري لوكالة شفق نيوز، إن “الخطوة التي اتخذتها المفوضية تمهد لتشكيل برلمان يستوفي المعايير القانونية الواضحة، ما سينعكس إيجاباً على ثقة الشعب بهذا البرلمان، وبالتالي تحفيز المشاركة الواسعة في الانتخابات المقبلة، الأمر الذي من شأنه تعزيز الاعتراف الشعبي والدولي بالنظام السياسي العراقي“.

ويضيف أن “من المفترض أن تكون هذه الإجراءات قد طُبقت في الانتخابات السابقة، من خلال تصفية المرشحين استناداً إلى القوانين”، مؤكداً أن “تطبيق القانون على الجميع هو الأساس لضمان عملية انتخابية نزيهة وتمثيل حقيقي للشعب“.

تدقيق صارم

أما من الناحية القانونية للإجراءات، يؤكد الباحث القانوني علي التميمي أن قرارات استبعاد عدد من المرشحين من انتخابات مجلس النواب لعام 2025 تستند إلى أسانيد قانونية واضحة، تنبع من القوانين والأنظمة المعمول بها في العملية الانتخابية، وعلى رأسها قانون الانتخابات رقم 12 لسنة 2018 المعدل بالقانون رقم 4 لسنة 2023، إلى جانب نظام الشكاوى والطعون الانتخابية، وقواعد السلوك، وتعليمات تسجيل المرشحين الصادرة لهذا العام.

ويوضح التميمي لوكالة شفق نيوز، أن “القانون يمنع الترشيح في حال مخالفة شروط الترشح أو ارتكاب جرائم انتخابية، مثل إثارة النعرات الطائفية، أو التهجم على مؤسسات الدولة، أو الإساءة إلى القضاء أو المرشحين الآخرين، أو ارتكاب أفعال يعاقب عليها قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969“.

ويشير إلى أن “مجلس المفوضين يمتلك الصلاحية بإلغاء مصادقة أي مرشح استناداً إلى الأدلة المقدمة، ويمكنه أيضاً إحالة المخالفات إلى الدائرة القانونية لرفع دعاوى قضائية أمام المحاكم المختصة“.

ويبيّن أن قرار الاستبعاد قابل للطعن أمام الهيئة القضائية للانتخابات، وفقاً لقانون مفوضية الانتخابات رقم 31 لسنة 2019، حيث يمنح القانون المرشح المستبعد مدة ثلاثة أيام لتقديم طعن، على أن تبت الهيئة القضائية فيه خلال عشرة أيام من تاريخ تقديمه، استناداً إلى المادة 20 من القانون.

ولفت التميمي إلى أن “الاستبعاد يتم بناءً على وجود شكاوى رسمية وأدلة موثقة، أو سجلات جنائية لدى الأدلة الجنائية، أو قرارات صادرة من هيئة المساءلة والعدالة، أو وجود خلل في المؤهلات الدراسية والشهادات المقدمة“.

ويصف التميمي المرحلة الحالية التي تسبق إجراء الانتخابات بأنها “اختبار حقيقي للمرشحين، والغلبة فيها ستكون للملتزمين بالقانون، والمبتعدين عن المخالفات“.

وأضاف: “نحن أمام سباق انتخابي شاق، لا يفوز فيه إلا الصابرون الذين يحترمون القانون ويثبتون كفاءتهم“.

ويؤكد التميمي على ضرورة التعامل بدقة وتأنٍ في هذه المرحلة الحساسة، نظراً لارتفاع أعداد المرشحين، مشدداً على أن “حق الطعن يمثل المحطة الأخيرة للمرشحين المستبعدين، وهو جزء أساسي من ضمان العدالة الانتخابية“.

اترك تعليقًا

عرض
Drag