Skip links

الدورة الخامسة للبرلمان العراقي.. أزمة نصاب وغياب تشريعي “غير مسبوق”

تقارير

يتفق نواب ومراقبون على أن الدورة البرلمانية الخامسة لمجلس النواب العراقي تعد من “أضعف وأقل” الدورات فاعلية منذ العام 2003، سواء على المستوى التشريعي أو الرقابي.

فقد رافق هذه الدورة قدر غير مسبوق من التعطيل، وسلسلة أزمات داخلية، تراوحت بين الانقسام السياسي، وضعف الانسجام داخل هيئة الرئاسة، وتكرار الإخفاق في عقد الجلسات بسبب غياب النصاب القانوني.

ويرى مختصون في الشأن السياسي أن البرلمان الحالي “فشل” في تلبية الحد الأدنى من التطلعات الشعبية، وسط غلبة الصراع السياسي على العمل التشريعي، وسعي بعض الكتل إلى استثمار الانقسامات الطائفية على حساب المصلحة الوطنية.

ويحذّر مراقبون من أن هذا الأداء المتراجع، قد يؤدي إلى تدني مستويات المشاركة في الانتخابات البرلمانية المقبلة، المزمع إجراؤها في 11 تشرين الثاني/ نوفمبر 2025.

ويرجع النائب ثائر مخيف أسباب تعطيل الجلسات إلى “عدم احترام بعض النواب للمسؤولية والثقة التي منحها لهم الشعب”، مشيراً إلى أن بعض فقرات جدول الأعمال لا تمس شريحة واسعة من المواطنين، بل تخدم فئات ضيقة، ما يعمق حدة الخلافات بين الكتل.

ويضيف مخيف لوكالة شفق نيوز، أن “الطائفية ما تزال تُستخدم كأداة سياسية” من قبل بعض قادة الكتل، الذين لم يحققوا إنجازات حقيقية على الأرض، فيلجؤون، حسب تعبيره، إلى “إثارة الطائفية لكسب دعم من لا يمتلك الحس الوطني”.

وعن إمكانية عقد جلسات خلال الشهرين المتبقيين من هذه الدورة، يؤكد النائب أن “البيئة السياسية الحالية غير مهيأة لعقد جلسات برلمانية مقبلة، ما يجعل من المستبعد عقد أي جلسات قريبة للمجلس في ظل الظروف الراهنة”.

بدوره، يعتبر عضو اللجنة القانونية النيابية، محمد عنوز، تعطيل جلسات المجلس “استخفافاً واضحاً بمسؤوليات النواب أمام الشعب”، في ظل تكرار ظاهرة الغياب غير المبرر، وغياب الإجراءات الرادعة من رئاسة المجلس بحق المتغيبين.

ويوضح عنوز لوكالة شفق نيوز أن تعطيل الجلسات ينعكس سلباً على “تشريع القوانين المهمة وممارسة الرقابة على الحكومة”، داعياً النواب إلى إدراك أن مناصبهم “تكليف لخدمة المواطنين وليست ترفاً سياسياً”، ما يستدعي اتخاذ إجراءات أكثر حزماً لضمان الانضباط النيابي.

وفي ظل هذا الواقع الذي يعيشه البرلمان، يصف المحلل السياسي مهند الراوي الدورة البرلمانية الخامسة بأنها “الأسوأ والأقل مستوى” من بين جميع الدورات التي أعقبت عام 2003.

ويشير الراوي خلال حديثه لوكالة شفق نيوز إلى أن سلسلة الأزمات التي ضربت البرلمان، بدءاً من انسحاب التيار الصدري، وإقالة رئيس المجلس السابق محمد الحلبوسي، وصولاً إلى أزمة اختيار رئيس جديد استمرت نحو عام، قد أدخلت المؤسسة التشريعية في “نفق مظلم”.

وينوّه إلى أن “وصف هذه الدورة بالأسوأ لا يتعلق بالأشخاص بقدر ما يرتبط بالأداء السياسي العام، الذي تميز بالصراعات والجدل السياسي، وخطابات متأزمة، وخروقات بحسب ما يصرح به بعض النواب، من بينها تمرير قوانين دون اكتمال النصاب القانوني”.

ووفقاً للراوي، فإن “البرلمان فقد فعاليته بشكل شبه كامل بعد تمرير ثلاث قوانين خلافية دفعة واحدة، وهي قانون العفو العام، وقانون الأحوال الشخصية، وقانون الأراضي في كركوك”، معتبراً أن هذه الخطوة “أضعفت صورة البرلمان، وأظهرت تراجعاً في أداء الكتل السياسية وآليات التشريع”.

وفيما يتعلق بالتشريعات، يحصي المتحدث عدد القوانين التي أُقرت خلال الدورة الخامسة بأنها “لم تتجاوز 100 قانون، في حين كانت الدورات السابقة، ولا سيما الأولى، تصل إلى تشريع أكثر من 400 قانون”، في تراجع بدأ بشكل واضح منذ دورة عام 2018، وانعكس أيضاً على ضعف الاستجوابات للوزراء والمسؤولين.

وفي الموقف نفسه، يصف المحلل السياسي عبد الله شلش الكناني، الدورة البرلمانية الحالية بأنها من “أفشل الدورات” التي شهدها العراق بعد عام 2003، مؤكداً أنها لم تلبِّ الطموحات الشعبية في الجانبين التشريعي والرقابي.

ويقول الكناني لوكالة شفق نيوز، إن “البرلمان الحالي لم ينجح في تمرير عدد كبير من القوانين المهمة، في وقت يسعى فيه العديد من النواب إلى تحقيق مكاسب وامتيازات شخصية بدلاً من التركيز على الأداء الوطني والمؤسساتي”.

ويرى أن “غياب النواب المتكرر وعدم اكتمال النصاب في جلسات عدة شكّل أحد أبرز معوقات العمل النيابي، وأسهم في تعطيل العديد من المشاريع والقوانين الضرورية”.

وبحسب الكناني، فإن “البرلمان يمر بمرحلة حرجة ويكاد يلفظ أنفاسه الأخيرة، في ظل حالة من عدم الانسجام داخل رئاسته، الأمر الذي أضعف أداءه بشكل كبير، وقد يُلقي هذا الواقع بظلاله على مستوى المشاركة الشعبية في الانتخابات المقبلة”.

وكان اجتماع رئاسي عقد في مجلس النواب، أمس الثلاثاء، قد شدد على ضرورة حضور رؤساء الكتل وأعضاء المجلس للجلسات المقبلة، والمشاركة الفاعلة في تمرير القوانين، معتبراً ذلك “واجباً وطنياً لا يقبل التأجيل”.

وجاء هذا الاجتماع في أعقاب فشل المجلس بعقد جلستين متتاليتين يومي الثلاثاء والاثنين الماضيين بسبب غياب النصاب، رغم إدراج 11 فقرة في جدول الأعمال، منها 7 فقرات تتعلق بالتصويت على مشاريع ومقترحات قوانين.

ومع اقتراب انتهاء الدورة البرلمانية العراقية الخامسة، كشفت إحصائية أجرتها وكالة شفق نيوز، في 2 نيسان/ أبريل الماضي، أن البرلمان عقد 51% فقط من الجلسات المفترضة وفق النظام الداخلي، الأمر الذي انعكس سلباً على الدورين التشريعي والرقابي للمجلس، بحسب نواب ومراقبين.

ومنذ بداية الدورة النيابية في كانون الثاني/ يناير 2022، عقد مجلس النواب العراقي 132 جلسة فقط، (لغاية عطلته التشريعية الأخيرة) في حين ينص النظام الداخلي على عقد 256 جلسة سنوياً، كما حدد النظام الداخلي عقد 8 جلسات شهرياً، وفصلاً تشريعياً يمتد 4 أشهر، بواقع 32 جلسة في كل فصل.

وكان مجلس الوزراء العراقي قد حدد يوم 11 تشرين الثاني/ نوفمبر 2025 موعداً لإجراء الانتخابات البرلمانية المقبلة، فيما أعلنت مفوضية الانتخابات أن الحملات الدعائية للمرشحين ستبدأ في 8 تشرين الأول/ أكتوبر المقبل، وتستمر لغاية آخر 24 ساعة قبل بدء التصويت الخاص، ويحق لنحو 20 مليون عراقي من أصل 46 مليون نسمة المشاركة في هذه الانتخابات.

اترك تعليقًا

عرض
Drag