Skip links

“الخور” يرسخ جذور “عاصفة الصحراء” بين العراق والكويت

تقارير

في الثاني من آب 1990، اجتاحت القوات العراقية دولة الكويت في خطوة قلبت موازين الخليج والمنطقة، وأشعلت حربًا دولية عُرفت بـ”عاصفة الصحراء”، انتهت بانسحاب العراق، وتحوله إلى مركز للعقوبات الدولية.

وبعد مرور 35 عامًا على الغزو، ما تزال العلاقات العراقية الكويتية محاطة بحساسية تاريخية، تُثار كلما طُرح ملف حدودي أو اقتصادي بين الجانبين، كما هو الحال حاليًا في قضية خور عبد الله، التي عادت إلى الواجهة السياسية والإعلامية في العراق.

خور عبد الله، القناة المائية الواقعة في أقصى جنوب البصرة، ظلّ محل جدل مستمر منذ ترسيم الحدود البحرية وفق القرار الأممي 833 الصادر عام 1993، والذي استند إلى وقف إطلاق النار في حرب الخليج الثانية.

وينص القرار على ترسيم الحدود البرية والبحرية بين العراق والكويت وفق خرائط مفصّلة، اعتبرها العراقيون حينها مفروضة بقوة القرار الدولي وتحت البند السابع من ميثاق الأمم المتحدة.

وبناء على ما تقدم، قال الباحث في الشأن الكويتي سامي العلي، إن “الربط بين ملفات اليوم وذكرى الغزو لا يعني تبرير الماضي، بل فهم جذور التوتر التاريخي، خصوصًا أن اتفاقيات ما بعد 1991 تمت في مناخ قهري، وغُيّب فيه الصوت العراقي القانوني“.

وفي سياق متصل، صرّح محمد البصري، الناشط والباحث في شؤون الحدود، لوكالة شفق نيوز، إن “خور عبد الله ممر مائي عراقي تاريخيًا، وكان يخضع إداريًا لمحافظة البصرة منذ تأسيس الدولة العراقية الحديثة. التنازل عنه لا يمثل فقط فقدان سيادة، بل خطر على الأمن البحري والاقتصادي للعراق.”

وتُثير هذه التصريحات جدلًا واسعًا في البرلمان العراقي، خصوصًا بعد تصويت مجلس النواب في أيلول 2023 على إلغاء اتفاقية تنظيم الملاحة في خور عبد الله، التي أبرمت بين العراق والكويت عام 2012، وتم التصديق عليها في 2013.

القرار أثار رد فعل رسمي من الحكومة الكويتية، التي قدمت مذكرة احتجاج إلى مجلس الأمن الدولي، واعتبرت أن الخطوة “تنتهك الاتفاقات الدولية وتُهدد استقرار العلاقات الثنائية“.

في المقابل، قالت جهات سياسية عراقية إن البرلمان مارس حقه في مراجعة الاتفاقيات التي أُبرمت في ظروف “لم تكن طبيعية”، داعين إلى إعادة النظر في جميع القرارات الحدودية التي أعقبت الغزو، لا سيما تلك التي جرى تمريرها تحت ضغط دولي.

وذكر العميد محمود الجبوري، الضابط السابق في الجيش العراقي، في تصريح للوكالة، إن “العراق بعد الغزو وقع في عزلة دولية استخدمتها بعض الأطراف لفرض اتفاقيات حدودية غير متوازنة. نحن كعسكريين نعلم أهمية خور عبد الله الاستراتيجية، وخسارته امتداد لخسائر ما بعد 1991 التي لم يُراجعها أحد حتى اليوم“.

من جانبه، رأى الخبير في القانون الدولي فوزي حميد، أن “القرار 833 جاء في إطار وقف إطلاق النار، لكنه لم يُناقش في ظروف تسمح للعراق بالدفاع عن مصالحه، لا من حيث السيادة ولا من حيث الجغرافيا“.

وأضاف حميد، خلال حديثه لوكالة شفق نيوز: “حتى لو كانت هناك اتفاقيات دولية، فإعادة النظر فيها مسموح وفق القانون الدولي إذا ثبت أنها تمت في ظل الإكراه أو اختلال مبدأ السيادة الوطنية“.

اقتصاديًا، نبه مراقبون، إلى أن الخلاف حول خور عبد الله أثّر على مشاريع التكامل البحري بين العراق والكويت، خاصة في ما يتعلق بميناء الفاو الكبير، وقناة الربط مع الموانئ الكويتية، وتحدث مسؤولون عراقيون سابقًا عن محاولات تقييد الملاحة العراقية في الخليج عبر ممرات ضيقة، لا تخدم المصالح الاقتصادية طويلة الأمد.

في هذا السياق، دعا عدد من الناشطين والباحثين، إلى فتح ملف ترسيم الحدود مجددًا أمام المحاكم الدولية، وعدم الاكتفاء بقرارات قديمة لم تُراعِ مصالح العراق، في ظل نظام سياسي لم يكن يتمتع بشرعية شعبية.

وأكد محمد البصري، في ختام تصريحه أن “ما يجري اليوم ليس صراعًا مع الكويت، بل صراع على الحقوق السيادية، وعلى العراق أن يُثبت حقوقه بالحوار والدبلوماسية القانونية، دون أن يخضع مجددًا لضغوط خارجية“.

وتُعَدّ اتفاقية تنظيم الملاحة في خور عبد الله، المُبرَمة في العام 2012 بين جمهورية العراق ودولة الكويت، معالجة فنية وإدارية لآثار غزو نظام صدام حسين للكويت عام 1990 وما ترتب عليها من ترسيم الحدود بموجب قرار مجلس الأمن رقم (833) لسنة 1993؛ إذ أكّدت مادتها السادسة أن الاتفاقية “لا تؤثر على الحدود بين الطرفين في خور عبد الله المقررة بموجب قرار مجلس الأمن رقم (833) لسنة 1993“.

وصادق مجلس الوزراء العراقي على مشروع قانون التصديق في نهاية العام 2012، وأقرّه مجلس النواب بالأغلبية البسيطة بموجب القانون رقم (42) لسنة 2013، ثم نُشر في جريدة الوقائع العراقية بالعدد (4299) بتاريخ 2013/11/25.

اترك تعليقًا

عرض
Drag