Skip links

الايهام والظهور بقناع الوطنية

كتب المحرر السياسي للتجمع:

يبدو ان الوطنية صارت مفردة سهلة جداً لأن يتحدث  بها الجميع، وربما صارت بابا يلجه بعض ممن يسوقون انفسهم على انهم الاشرف، الاحسن، الافهم، الاكثر حرصا على مسيرة وتجربة العراق،

بعضهم من  سياسيي الصدفة  واكثرهم  ممن يقدمون انفسهم على انهم  من فئة كبار رجال الاعلام والصحافة والتحليل السياسي وخبراء في المنهج الستراتيجي، وهم في حقيقتهم رجال صالونات ومقاهي الثرثرة وصومعات الصفقات،  وعبيد لمن يدفع لهم  كي يكونوا ابواقاً للتزمير الاجوف والتطبيل المقرف، ومن دون حياء او خجل يتحدثون بأسم الوطنية نقداً وتشهيراً وتجريحاً، وكأنهم صمام امان العراق، ولولاهم لضاع العراق، وضاعت كل القيم والمباديء، وهم الاعرف بحقيقة انفسهم، وحقيقة توجهاتهم  وسوء نواياهم.

 انا لا اعترض على الرأي اياً كان مصدره، انما اقول اننا عندما ندعو للتغيير والاصلاح علينا ان نكون جزءا من  منظومة  فكرية اصلاحية منتجة، تؤطرها القيم الوطنية والانتمائية، وأن نكون متفاعلين ومنسجمين في الرؤية والاستنتاج،  وأن نتعامل مع الوطن بموجب الضمير الحي والاندفاع الحقيقي للتغيير، وهذا للاسف لم يحصل، وكان الخط الرديف السيء هو كثرة الاصوات النشاز ممن يدعون انفسهم بالسياسيين المحنكين اللذين يصدعون رؤوسنا كل يوم بتصريحات وادعاءات وعلى وفق ترتيب واضح ومنسق بين تلك الشخصيات الهجينة والفضائيات المسيسة التي تدفع من دون ان تعرف  نتائج تلك الدفوعات، ومن هو الذي يستحق ان يقبض.

ادعاءات زائفة

تنظيرات لامعنى لها، وتصريحات جوفاء، وتحليلات هزيلة كلها تنطلق من عقول منحرفة تتحكم بها نوايا شريرة تنشد الوصول الى اهداف تدميرية لايهمها مصلحة العراق بقدر ماتريد ان تحققه من غايات ذاتية ومصالح شخصية، تصاغ فبركتها ضمن الادعاءات الزائفة بأسم الوطنية التي غالباً ماتؤطرها طروحات لاتنسجم مع الواقع المعاش وليس لديها القدرة الاصلاحية بمفهومها الوطني، والاهم من ذلك، ان مجمل مايقال وما تبثه بعض الفضائيات من تصريحات لمن يتحدث بأسم الوطنية لم يبتعد اطلاقاً عن توجيه اللوم والانتقادات متمسكاً بالاعتراض والرفض لكل مايمكن ان يشكل بداية لمنطلقات ربما ستكون اكبر فيما لو اتيحت لها الفرص لكي تغنى بالحوار والمناقشات.

والمثير للشك في النوايا التي يزعم اصحابها انها منطلقة من الشعوربالوطنية

عندما تنتقد لم تقدم البديل الافضل الذي يمكن أن يؤسس لمراحل التطور والتغيير الذي نبغيه جميعا لما يمكن ان يفيد البلد والشعب، انما هو كلام غوغائي مدفوع الثمن لاطائل من ورائه الا الندم يوم لاينفع الندم.

مفردات السوء

من جانب اخر، فالطبقة السياسية معنية بهذا الامر ايضا، نحن في وقت اصبح لزاما علينا ان نراجع تجربة السنوات التي مضت منذ 2003 ولحد الان، وان نحدد بالدقة والتفصيل حجم الاخطاء التي احاطت بتلك التجربة، لاينبغي ان تأتي التصريحات والتنظيرات من قبل ساسة البلد وفق سياقات المرحلة الحالية، لانها اساسا امتداد او انعكاس للمراحل السابقة التي كانت فيها مفردة الوطنية غائبة او مغيبة، وحلت محلها عدة مفردات منها المصلحية والانتهازية والطائفية والمحاصصاتية والمحسوبية، والحديث كان يجري انذاك بل ولحد الان عن الوطنية كأتجاه للتغطية على مفردات السوء التي طغت على التجربة السياسية وانحرفت بها نحو الهاوية مخلفة ورائها طبقة سياسية متهالكة ومتشبثة بأداعات فارغة وطروحات عقيمة استمرت ليومنا هذا لكون تلك الطبقة لم تنظر الى الوراء وما خلفته من سوء من اجل الاصلاح وتجاوز الاخطاء السابقة بحيث فقدت القيمة الوطنية هويتها وعمقها وهيبتها واصبحت مفردة بائسة تتداولها السن السياسين في كل المناسبات والتصريحات، وصار البعض الكثير من السياسيين ابطال ومنظري القنوات الفضائية المنحرفة والتي تتصيد في الماء العكر دون رقيب او مسائلة

 فالوطنية، لمن يفهم معناها، هي قيمة تتأسس في عمق الروح الانسانية من تراكمات التجربة الحقيقية والصادقة  ومعاناتها في مساحة الانتماء للوطن والانحياز للشعب، وهي ثورة ضد كل الظلم والاستبداد والتعسف ونموذج حي للاهداف الانسانية التي تنتفض ضد السياسات المنحرفة والسيئة التي تهمين وتضطهد الانسان والمجتمعات، وبعكس من لايفهم هذا المعنى، فمصيره السقوط باسم الوطنية في الهاوية، وغالبا ما نجد الكثير من السياسيين وهم يغلفون نواياهم واهدافهم الشريرة والفاسدة بغطاء الوطنية او قناعها كمفردة سهلة التداول متصورين انها ستترك اثرا فعالا في نفوس الجماهير لاغراض الكسب واستخدامهم كرصيد في الانتخابات , دون ان يدركوا ان جماهير اليوم وبالاخص بعد التظاهرات التشرينية المنتفضة قد استوعبت سخف وضحالة تجربة العقدين من الزمن التي مضت دون ان تحقق ولو الحد الادنى من التغيير والاصلاح، مدركة انها وقعت ضحية الاعيب ومكر وكذب الساسة وتلاعبهم بالالفاظ والمفردات التي كانت وماتزال تقال لمجرد الاستهلاك والادعاء، واصبح لها فضاء حتى في مجلس النواب.

استجداء القناعات

ففي الكثير من تصريحات النواب نجدها متخمة بمفردات توحي بأنهم مع الشعب ويقدسون الوطنية والانتمائية ويتغنون بحب العراق، لكن ذلك ومن خلال التجربة لم يكن صحيحا والممارسات اثبتت ذلك ولا داعي لخوض التفاصيل، لانها اصبحت معروفة ومشخصة، وهي التي اسست لمنهج مرتبك غير واضح المعالم ويخلو من الافكار والمبادرات التي تتلائم وتتوائم مع المراحل، فليس من المعقول وبعد اكثر من عشرين عاما لم تتغير الحركة السياسية ولم تتطور بل انها في حقيقة الامر لاتنسجم ولاتتفاعل مع تغير المراحل ومستجدات البنى الاجتماعية والفكرية وبقيت راكدة غير متحررة من جمودها الذي طغت عليه الرتابة والسذاجة وكأن البلد يسير بعكس الاتجاه كما هو حال مسار الطبقة السياسية التي كل مااستطاعت ان تفعله هو الحفاظ على ارتداء قناع الوطنية كي تحمي نفسها من كشف جهلها ومحدودية تفكيرها وعدم قدرتها على النمو والتجديد مستعينة بالخديعة لاقناع الناس وايهامهم بتحقيق مطالبهم ونصرة المظلوم منهم عبر سلسلة من التصريحات والوعود الفارغة المليئة بالاكاذيب المكررة والتي تتلاعب بعقول الناس ودغدغة عواطفهم، وهذا غالبا مايحصل متزامنا مع بدء الانتخابات والتي شهدت هي الاخرى انتكاسات كبيرة ومتغيرات تفرضها اجندات الاحزاب والكتل السياسية بما يخدم مصالحها ويوفر لها البيئة الخصبة للسرقة والفساد والتلاعب بمصير البلد من خلال افتعال الازمات التي تعرقل المسيرة التي يتراجاها العراقيون ان تنهض، ولكنها تتعرض للاجهاض وربما القتل حالما تبرز بوادر للانفراج تزعج وتبعثر مصالح الدول الاقليمية التي تحيط بالبلاد.

وستبقى الاوضاع في العراق تعيش الفوضى والارتباك، وغالبا ما تخضع لنظرية المؤامرات التي تخطط لها مجاميع سياسية داخلية موالية لدول خارجية شكلت في الاونة الاخيرة مافيات كبيرة للتلاعب بالاقتصاد العراقي وتهريب العملة الصعبة وغسيل الاموال، وحرق قيمة الدينار العراقي، وهذا يعني تدمير الاقتصاد وخنق البلد والعبث بمقدراته وسيادته، وذلك هو احد الاهداف المقيتة التي تريدها المصالح الاقليمية ودول اخرى مبتغاها تدمير حلم وطموح الاجيال بل وكرامة سايدة العراق وشرف العراقيين .

اترك تعليقًا

عرض
Drag