الانسحاب الأميركي من العراق يفتح الباب لـ”إمبراطورية الظل” الإيرانية
تقارير
نقلت قناة “فوكس نيوز” الأميركية عن خبراء تحذيرهم من تصاعد انتشار ونفوذ ما اسمته “إمبراطورية الظل” التي أقامتها إيران في المنطقة، بعد ستة شهور فقط من إعلان إدارة دونالد ترمب أنها ستبدأ في سحب القوات الأميركية من سوريا، وقولها مؤخراً أنها ستبدأ أيضاً في تقليص حجم قواتها في العراق بموجب اتفاق توصلت إليه إدارة الرئيس السابق جو بايدن.
وبرغم أن التقرير الأميركي الذي ترجمته وكالة شفق نيوز، لفت إلى أن التغييرات تأتي في ظل التراجع المفترض بالتهديدات التي يمثلها تنظيم داعش الإرهابي، والرغبة المتزايدة للولايات المتحدة في إنهاء الحروب اللانهائية، قال إن الخبراء الأمنيين قلقون من الفراغ الأمني الذي سيخلق في العراق وسوريا، بالإضافة إلى التهديد المباشر الذي تمثله إيران.
وبحسب التقرير، فإن إيران عملت منذ عقود على توسيع نفوذها في كل من العراق وسوريا، وأقامت لنفسها حضوراً مترسخاً وشديد التعقيد في المنطقة عسكرياً وسياسياً واقتصادياً واجتماعياً، وهو ما سيجعل من الصعب تغيير أو إحباط نفوذها حتى في ظل تغيير النظام الذي جرى في سوريا.
ونقل التقرير عن المدير التنفيذي لمعهد “منتدى الشرق الأوسط” الأميركي جريغ رومان إشارته إلى أن العلاقة بين إيران الإسلامية وسوريا تعود إلى الثمانينيات من القرن الماضي، موضحاً أن “العلاقة لم تبدأ مع الحرب الأهلية السورية، بل أنهما أمضيا 40 عاماً من العلاقات وحولوا ذلك في النهاية إلى مؤسسة“.
وأضاف أن إيران استخدمت القوى الشيعية المسلحة في سوريا والعراق وأفغانستان ولبنان، بهدف “إقامة بنية تحتية عسكرية موازية” بتنسيق من الحرس الثوري الإيراني الذي حول سوريا إلى “قاعدة عمليات إيرانية متقدمة“.
ولفت التقرير إلى أن إيران لم تكتفِ ببناء أنفاق تحت الأرض ومستودعات أسلحة فقط، وإنما أدمجت نفسها بعمق في الحياة اليومية للسوريين من خلال نظام متكامل مزج بين الواجبات العسكرية والبرامج المدنية، مشيراً إلى أن هيكل القيادة يتعدى الحدود التقليدية للدول القومية من خلال دمج القادة الإيرانيين واللبنانيين والعراقيين.
وتابع التقرير أنه بينما تواجه إيران حالياً معارضة في سوريا بعد انهيار نظام بشار الأسد مع استيلاء “هيئة التحرير الشام” التي كانت مصنفة إرهابية من جانب الأميركيين، في كانون الأول/ ديسمبر 2024، فإن طهران لديها القدرة على الاستفادة من غياب الحكومة الموحدة على كل أنحاء سوريا، ومن ديناميكية جيوسياسية شديدة التعقيد حيث تتنافس إسرائيل وتركيا وروسيا على مزيد من النفوذ على سوريا.
ونقل التقرير عن رومان قوله إن “هيئة تحرير الشام” لم تتمكن من خلال التنسيق مع الكورد في الشمال الشرقي أو الدروز في الجنوب الغربي، من إنشاء “حصن” ضد النفوذ الإيراني، ولهذا فإنه من الممكن أن تكون طهران في وضع جيد لكي توسع مصالحها الإقليمية في ظل “إمبراطورية الظل“.
ورأى التقرير أن إيران استخدمت مراراً الفراغات في السلطة لتوسيع نطاق نفوذها ومواجهة النفوذ الأميركي، مثلما جرى في أفغانستان، حيث دعمت طالبان، وفي العراق حيث بدأت في دعم جماعات الميليشيات الشيعية التي تقاتل الولايات المتحدة في وقت مبكر من العام 2003.

كما نقل التقرير عن محلل لشؤون الإرهاب بيل روجيو، من “مجلة الحرب الطويلة” الأميركية التابعة لـ”مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات”، قوله إنه “لدى الإيرانيين استراتيجية في العراق، وهي فعالة، وهم يستخدمون الوسائل العسكرية والسياسية والاقتصادية لتحقيق أهدافهم، حيث ساعدهم قربهم من العراق على تحقيق ذلك.
وبحسب روجيو فإن هناك “مئات الآلاف من المسلحين المدعومين من إيران في العراق الذين يشكلون إلى حد كبير جزءاً من الحشد الشعبي”، مضيفاً أنهم يتمتعون بنفوذ كبير داخل الحكومة العراقية، ويحتلون كتلة كبيرة مهيمنة في مجلس النواب.
ونقل التقرير عن روجيو قوله إن “هذه الميليشيات لديها أيضاً قوة اقتصادية”، مشيراً إلى أن “إيران قامت ببناء قوات الميليشيات هذه مثل حزب الله، ويريدونها بشكل أساسي أن تصبح في النهاية مثل الحرس الثوري في إيران“.
وأشارت “فوكس نيوز” إلى أن رومان وروجيو أعربا عن قلقهما إزاء انسحاب القوات الأميركية من المنطقة، وإزالة النفوذ الأميركي في وقت تتطلع فيه طهران إلى مواجهة واشنطن ومصالحها.
وبحسب روجيو فقد قال “لم نتعلم دروس أفغانستان وحتى دروس العراق، لا يهمني إذا كان لدينا 100 أو 100 الف جندي في أفغانستان أو في أي مكان آخر، فهل لدينا القوات المناسبة لتحقيق المهمة التي وضعناها لهم؟”، مضيفاً: “نحن نتحدث عن أعداد القوات، ونحن لا نتحدث فعلياً عن ما هي مهمتنا في العراق؟ هل هي مهمة لمكافحة داعش؟ هل هي مهمة النفوذ الإيراني؟“.
وتابع روجيو متسائلاً “هل لدينا الخليط الصحيح من التأثير العسكري والدبلوماسي والسياسي والاقتصادي في العراق لتحقيق تلك الأهداف؟ لا اعتقد ذلك“.
وبعدما قال التقرير إن الخبيرين تحدثا عن أن الولايات المتحدة لديها تاريخ طويل في عدم أخذ إيران والتهديد الذي تشكله على محمل الجد بما فيه الكفاية، ما يمثل مشكلة امتدت لعقود من خلال الإدارات الجمهورية والديمقراطية، نقل عن روجيو قوله إن “الإيرانيين صبورون، وهم يعملون في أطر زمنية لعقود وأجيال، ونحن لسنا صبورين، ونعمل في إطار زمني ودورات انتخابية مدتها سنتان وأربع سنوات“.
وتابع روجيو قائلاً بحسب التقرير إن “ايران في نهاية الأمر تسعى إلى طرد الولايات المتحدة من المنطقة وتوسيع نفوذها في الدول المجاورة، سواء كانت أفغانستان، أو العراق، أو دول الخليج، وهدفها النهائي هو إخراج الولايات المتحدة حتى تتمكن من توسيع نفوذها”.
