Skip links

“اتفاق غزة” يتباطأ بسبب “أزمة الجثامين”… وغموض حول “المرحلة الثانية”

تقارير

القاهرة : محمد محمود

يواصل الوسطاء تحركاتهم المكثفة لضمان صمود وقف إطلاق النار في قطاع غزة، وسط تلويح إسرائيلي بتوسيع السيطرة والتراجع خطوات للخلف عن انسحابات المرحلة الأولى، بسبب أزمة عدم تسلُّم جثامين الرهائن المتبقية لدى “حماس”.

ويرى خبراء تحدّثوا لـ”الشرق الأوسط” أن هذه الأزمة ستُهدد صمود الاتفاق، الذي انطلق في 10 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي، وستؤخر المرحلة الثانية التي بات “مصيرها غامضاً”، وسط تباين بينهم بشأن كون إسرائيل و”حماس” من مصلحتهما استمرار الأزمة لتحقيق مكاسب سياسية، سواء في تأخير مرحلة نزع السلاح أو الوصول لانتخابات الحكومة الإسرائيلية العام المقبل بفرص أكبر.

وأفاد مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، في بيان، الثلاثاء، بأنه “بعد استكمال عملية التعرف تبيّن أنه جرى مساء الاثنين إعادة بقايا رفات تعود للمختطف أوفير تسرفاتي، الذي أُعيد من قطاع غزة في عملية عسكرية قبل نحو عامين. وتم تسليم رسالة إلى عائلته”.

وعَدّ مكتب نتنياهو ذلك “انتهاكاً واضحاً للاتفاق من قِبل (حماس)”، كاشفاً أن رئيس الوزراء سيجري نقاشاً أمنياً مع رؤساء الأجهزة الأمنية لمناقشة خطوات إسرائيل في مواجهة هذه الانتهاكات.

وذكرت صحيفة “تايمز أوف إسرائيل”، الثلاثاء، أن نتنياهو سيعقد اجتماعاً طارئاً لبحث “الردّ على انتهاكات (حماس) للمرحلة الأولى من اتفاق غزة”، وبحث عدة “ردود” محتملة، بما في ذلك توسيع الخط الأصفر في غزة، ووضع مزيد من الأراضي تحت سيطرة الجيش الإسرائيلي.

وأعلنت السلطات الإسرائيلية، الثلاثاء، أنه وفق التقييم فإن الرفات الذي سُلّم من جانب “حماس” ليل الاثنين-الثلاثاء، لا يعود لأي من بين 13 رهينة لا تزال في قطاع غزة، ومن ثم فقد انتهى التسليم الذي جرى أمس من دون إعادة أي رفات بعد نحو أسبوع من الانتظار، وفق ما نشر موقع “واي نت”.

وسلّمت حركة “حماس” إلى الآن 15 من 28 جثة تعود إلى رهائن قُتلوا خلال احتجازهم منذ بدء تنفيذ وقف إطلاق النار في القطاع في العاشر من أكتوبر.

وسمحت إسرائيل، الاثنين، بدخول فريق فني مصري للعمل مع “الصليب الأحمر” لتحديد مكان الجثث. وسيستخدم الفريق جرافات وشاحنات للبحث وراء ما يُسمى الخط الأصفر في غزة، الذي انسحبت القوات الإسرائيلية خلفه في البداية بموجب خطة ترمب، وفق تصريح المتحدثة باسم الحكومة الإسرائيلية شوش بدرسيان للصحافيين.

امرأة فلسطينية تحمل حطباً لإشعال النار في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

وتأخر تنفيذ المرحلة الثانية من اتفاق غزة الذي وافقت عليه “حماس” وإسرائيل في 9 أكتوبر الحالي، ودخل حيّز التنفيذ في اليوم التالي، وتشمل ترتيبات أمنية وإدارة بشأن قطاع غزة، من بين أبرز بنودها نزع سلاح الحركة الفلسطينية، وتولي لجنة تكنوقراط تسيير شؤون القطاع.

المحلل السياسي الفلسطيني، الدكتور عبد المهدي مطاوع، قال: “نتنياهو يبدو أن لديه دلائل أن الجثث معلومة لدى (حماس) وتتباطأ في التنفيذ، وهذا يخلق أزمة تُهدد الاتفاق وتؤخر المرحلة الثانية التي بات مصيرها غامضاً”، مشيراً إلى أن فكرة الحرب كما كانت لن تعود، ولكن يبدو أن من مصلحة رئيس الوزراء الإسرائيلي و”حماس” أن يستمرا في المرحلة الأولى، لافتاً إلى إن إسرائيل قد تتخذ إجراءات، ولكن ليست موسعة.

وأوضح أن “حماس” فيما يبدو لا تريد أن تدخل المرحلة الثانية حتى لا تدفع أثمان أزمة نزع السلاح، وتُحاول كسب الوقت ربما أملاً في فرض شروط بشأن لجنة إدارة قطاع غزة الحالية، ومن ثمّ، تسعى إلى تأخير تسليم الجثث مقابل مكاسب أكبر، في حين نتنياهو يريد أن يهدد ويتوعد بوصف ذلك نوعاً من المزيدات وصولاً إلى انتخابات 2026 للحفاظ على فرص فوزه.

بينما رأى الأمين العام لـ”مركز الفارابي للدراسات السياسية”، الدكتور مختار غباشي، أن نتنياهو يُحاول أن يناور بهذه التهديدات؛ لكنها في النهاية محكومة بإرادة أميركية، وواشنطن، عقب إرسال 4 شخصيات بارزة أخيراً من نائب الرئيس جي دي فانس، ووزير الخارجية مارك روبيو، والمبعوث ستيف ويتكوف، وصهر ترمب جاريد كوشنر، تؤكد أن لديها رغبة في عدم العودة للحرب.

وأضاف غباشي: “لكن إسرائيل مهما حاولت التهديد الفعلي فأقصى ما تفعله هو إعادة نموذج لبنان الأخير المتمثل في ضربات نوعية، وستُكرر ذلك في غزة ضد أهداف وليس أكثر من ذلك”، متوقعاً أن يلعب الوسطاء دوراً في ذلك المسار للتهدئة، واحتواء أي تهديدات لصمود الاتفاق المرجحة حالياً.

حفار يعمل في حي التفاح بمدينة غزة لإزالة الركام من المنازل المدمرة (أ.ف.ب)

في المقابل، قال المتحدث باسم “حماس”، حازم قاسم، في تصريحات، الثلاثاء، إن “نتنياهو يحاول خرق اتفاق وقف الحرب بمبررات واهية”، وفق ما نقلته “قناة الأقصى” التابعة للحركة.

وذكرت “كتائب القسام” الذراع العسكرية للحركة، في بيان، الثلاثاء، أنها “ستقوم بتسليم جثة أحد أسرى الاحتلال التي جرى العثور عليها في مسار أحد الأنفاق بقطاع غزة”.

وعن ردّ فعل “حماس” عقب تهديدات نتنياهو، رأى غباشي أن “هناك اجتهادات حسنة النية، ترى أن (حماس) بالفعل لديها أزمة في الوصول لتلك الجثامين، ورأيٌ آخر يرى أنها تعرف أماكنهم وتناور لتحسين مكاسب فلسطينية بالاتفاق”.

فيما أكد مطاوع أن “(حماس) كلما شعرت بتهديد ستقوم بتبريد الموقف، وتفرج عن جثث، لكن الأزمة أن المرحلة الثانية ستتأخر أكثر، وهذا قد يقودنا لبداية العام المقبل من دون جديد، والبقاء بين تهديد ومماطلات يدفع ثمنها الشعب الفلسطيني”.

اترك تعليقًا

عرض
Drag